responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 139
بيد أن هذا ليس سوى وجه كامن، يعبر عن استعداد بعيد الأصول، لتحمل المسئولية بالفعل، فهذه لن تبدأ إلا عندما تتحقق بعض الشروط: "كالسن، والصحة مثلًا"، كيما تخلع مغزاها الأخلاقي على تعهداتنا والتزاماتنا. كذلك لا يكفي أن تجتمع هذه الشروط العامة لنصبح فعلًا مسئولين، بل يجب أيضًا أن تنضاف إليها ظروف مادية، تدعونا إلى أن ندخل نشاطنا في نسيج الأحداث.
والحق أن هذه الظروف لا تتخلف أبدًا، فلكل منّا بالضرورة بعض العلاقات، وهو يشغل مكانًا معينًا، ويمارس بعض الوظائف في جهاز المجتمع؛ فالأب مسئول عن رفاهية أولاده المادية والأخلاقية، والمربي مسئول عن الثقافة الأخلاقية والعقلية للشباب، والعامل عن تنفيذ عمله وكماله، والقاضي عن توزيع العدالة، والشرطي عن الأمن العام، والجندي عن حفظ الوطن. كذلك نحن -فرادى- مسئولون عن طهارة قلوبنا، واستقامة أفكارنا، كما أننا مسئولون عن حماية صحتنا وحياتنا. حتى إننا نستطيع أن نجد في كل لحظة من لحظات الحياة الإنسانية بعض المسئوليات، وهي ليست افتراضية فحسب، بل حاضرة وواقعية، متى ما تحققت لها الشروط العامة. ثم إن اختلاف المواقف لا يتدخل إلا من أجل تخصيص وتحديد موضوع هذه المسئولية.
على أننا لا ينبغي أن نخلط هنا معنيين متميزين تمامًا للمسئولية، فعلى قدر ما تكف الاعتبارات الخاصة عن التدخل "وهي من نوع ما سنراه بعد" نبقى في مرحلة المسئولية الطبيعية، التي هي مجرد طلب لموقف، وكونك مسئولًا لا يعني هنا سوى كونك جديرًا بأن تكون هذا المسئول فحسب. فالإنسان مسئول طبيعيًّا من قبل أن يجعل نفسه مسئولًا، ومن قبل أن يعتبر مسئولًا أخلاقيًّا.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست