responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 178
وإذن، فإذا أردنا أن نصوغ الشرط الثالث للمسئولية الأخلاقية قلنا: إن العمل المنوط بالمسئولية هو العمل الذي يكون القصد إليه كاملًا، أعني: أنه العمل الذي تهدف فيه الإرادة، لا إلى الصفات الطبيعية لموضوعه فحسب، وإنما كذلك إلى صفاته الأخلاقية على نحو ما أدركها المشرع. ويجب أن يكون العمل متصورًا لدى فاعله على النحو الذي أجيز به، أو حرم، أو أمر به، ومن حيث هو كذلك. وأي اختلاف في الرأي، أو انحراف في القصد، في صفة أو أخرى، يخرج العمل من دائرة الملاحقة بنص الشرع؛ لأنه إذا كان العمل الذي تقرر حكمه في الشرع غير العمل الذي وقع -لم يكن لهذا الذي وقع أن يكون له إذن نفس الحكم، فهو في افتراضنا حدث حتمه خطأ لاإرادي.
وعليه، فحين نؤكد أن خطأ من هذا القبيل لا يمكن أن يكون محسوبًا فلسنا نفعل سوى تفسير القول العام الذي جاء به القرآن نفسه، حين يعلن: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [1]، وكذا قوله: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَاْ} بتفسيره الذي ذكرناه آنفًا.
وقد يقال: إذا كانت هذه هي الأهمية التي تخص بها النية أو القصد، وإذا كانت المسئولية الأخلاقية دائمًا ذات ارتباط بهذه النية أو القصدية، أفلا يستتبع ذلك أن تصبح "النية" في رأيك هي كل "الأخلاقية"، أو كما يعبر "كانت": "إن الشيء الوحيد في العالم الذي هو خير في ذاته هو الإرادة الطيبة"؟
هيهات أن يكون ذاك، لا لأن من التناقض أن نضع الخير المطلق في حالة

[1] الأحزاب: 5.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست