الله: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [1]. {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [2].
ولنذكر بخاصة أن القرآن ينص على أن الله يتدخل بطريقة إيجابية ومادية لدى عباده، في اللحظات الحاسمة، لكي يصرف عنهم الإغراءات السيئة: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} [3]؛ وحتى يجنبهم السقوط في الفاحشة: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [4]، ولكي يقوي إرادتهم المترددة: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [5]. في هذه اللحظات الصعبة يفجر الله في أعينهم نورًا باهرًا يحمل إليهم مزيدًا من الوضوح: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [6]، فهو يزرع الثبات في القلب: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [7]، {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [8]، ويجعل الإيمان أجمل في أعينهم، وأحب إلى قلوبهم: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [9]، ويكره إليهم {الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [10].
وقد لجأ المعتزلة لتفسير هذه النصوص إلى وسائل متعسفة ومتعثرة؛ لأنه إما أن يكون هذا التخصيص لا يعني شيئًا، أو أنه يعني أن العناية الخاصة التي يكلأ الله بها أصفياءه ليست هي نفسها، بل هي شيء آخر يختلف كمًّا [1] الحجرات: 17. [2] المائدة: 41. [3] يوسف: 34. [4] يوسف: 24. [5] الإسراء: 74. [6] يوسف: 24. [7] الفتح: 26. [8] القصص: 10. [9] الحجرات: 7. [10] الآية السابقة.