مصادر الإلزام الأخلاقي مدخل
...
1- مصادر الإلزام الأخلاقي:
استطاع الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون، في تحليله العميق لقضية الإلزام الأخلاقي أن يكشف له عن مصدرين: أحدهما: قوة الضعظ الاجتماعي, والآخر: قوة الجذب ذي الرحابة الإنسانية المستمدة من العون الإلهي، وهي قوة أوسع مدى من سابقتها.
وقد فسر ذلك قائلًا: إننا نؤدي الدور الذي عينه لنا المجتمع، ونتبع الطريق التي رسمها لنا، ثم نسلم قيادنا لهذه الطريق، نترسمها كل يوم، بنوع من العادة لا يكاد يخالطه تفكير، أشبه شيء بغريزة النحلة أو النملة. وذلكم هو ما يُسمى عادة: بالوفاء بالواجب.
ولو أننا قاومنا ذلك لحظة، أو حاولنا أن نعدل من سيره فإننا لا نلبث أن نرتد إليه، شئنا أو أبينا، بفضل تلك القوة القاهرة للحياة الجماعية.
هذا الدور يختلف اختلافًا كاملًا في وجهه الآخر، فعلى حين أن أخلاق الكافة أثر ناشئ عن نوع من القهر الجماعي، نجد أن أخلاق الممتازين منهم هي طموح إلى المثل الأعلى، فهي نقلة على جناح الحب المبدع، الذي ينزع لا إلى توجيه سلوك الفرد وجهة أفضل فحسب، بل إلى جذب المجتمع معه، وقيادته، بدلًا من أن يكون مقودًا له[1]. [1] انظر: Bergson. Les deux sources de la morale et de la religion: ch. 1.
"مصدرا الأخلاق والدين - الفصل الأول".