responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 230
المشاهد درجة التصميم والفاعلية". فإن هذا التنفيذ يسبب بذلك مسئوليات جديدة، أو على وجه الدقة يدعم، ويفخم المسئولية المقررة من قبل[1].
فهل نجد ما يقابل ذلك في الإسلام؟ وهل يمكن الحدث الموضوعي الخالص أن يستتبع العقوبة؟ لا شك أن الحكم العقابي -كما رأينا من قبل- يحتاج دائمًا أن يستند إلى عمل الإرادة المضاد للقانون، كيما يسوغ صفته الجزائية. ولكن هل لنا أن نفحص الأمر بنظرة أكثر دقة؟ حنيئذ سنجد أن القاضي عندما يستند إلى العنصر الشخصي باعتباره شرطًا ضروريًّا للإدانة -فإنه لا يفعل في الواقع سوى أن يفترض سوء النية لدى المتهم، مستنبطًا إياه من بعض الأمارات الخارجية، ومتخذًا لنفسه دائمًا وجهة نظر موضوعية، ذلك أن القاضي، حتى لو كان رسولًا، لا يدعي مطلقًا أنه يدرك أسرار الضمير مباشرة، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار" 2
وأخيرًا، فإن نوعي المسئولية "العقابية والأخلاقية" يختلفان كذلك، بصورة أوضح في آثارهما، أكثر مما يختلفان في نقطة انطلاقهما. وإذا كان

[1] لنذكر هنا فقط أنه في مجال الجزاء الإلهي يبدو أن الأخلاق الإسلامية تفرق هنا بين الفعل الحسن والفعل القبيح، فعلى حين يزيد تنفيذ الإرادة الطيبة في أجرها، ويضاعف لها المكافأة، نجد أن لحظتي الخطيئة لا تعدان عند الله سوى وجهين لعمل واحد فقط، قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] ، وروى البخاري في كتاب الرقاق، باب 30 "فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه". وانظر أيضًا في تفسير هذا الحديث, إحياء علوم الدين, للغزالي, جـ3 ص39 وما بعدها.
2 انظر حديث البخاري, كتاب الأحكام، باب 19.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست