responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 335
ولكن هل يكون منهجًا حكيمًا أن ندعو إلى الأخلاق فنبدأ بقطع قنطرتها خلف الأبطال، بقطع الأسباب بين المرء وماضيه، وبذلك لا ندع للإنسانية سوى يأس مطلق؟ وكيف تقنع بالواجب إنسانًا مستغرقًا في شئونه، أو آخر مستسلمًا لشهواته، إذا كنت تطلب منه أن ينقطع تمامًا عن ماضيه كله على صورة تحول عنيف، وأن يخضع نفسه لقاعدة جافة لم يدرك بعد ملاءمتها؟ وإذا كنت فضلًا عن ذلك تعمد إلى منعه من أن يلقي نظرة واحدة على أي شيء من شأنه أن يسوغ في نظره أمرك إياه، وإلا أصبح عديم الأخلاق، فأية نتيجة يمكن أن تحصل عليها من هذه التربية، إن لم تكن أن تفقد تلميذك كل ثقة بنفسه، وإلى الأبد؟
ألم يكن أكثر تعقلًا وإنسانية، لكي تلقن تلميذك أوليات الحياة الأخلاقية، أن تبدأ بوضع نفسك مكانه، وتنظر من الزاوية التي ينظر منها؟ وأن تحاول أن تعطيه بدل ما تريد أن تسحبه منه، وأن تريه أن طريق الواجب هي في الوقت نفسه طريق الذكاء، والذوق الحسن، طريق الأمن، والمجد؟ إنه كلما عرف بطريقة أفضل فائدة الاستقامة، شيئًا فشيئًا، وكلما استبدل بفورة العاطفة اتزان العقل، فلسوف يتسنى له أن يتذوق حلاوة الخير، وسحر الفضيلة، وعظمة البطولة.
ولسوف تتخلق بالتدريج في نفسه مواءمة مع الخير، نوع من التماثل بين إرادته والقاعدة الأخلاقية. وربما استطاع عند بلوغ هذا الحد أن ينفصل تمامًا عن كل مؤثر أجنبي، كيما يستسلم استسلامًا كاملًا للواجب من أجل الواجب, دون أن تقلقه عواطفه الذاتية, أو يؤثر عليه ما قد تدخره له تصاريف الطبيعة من نجاح أو إخفاق. لقد اضطر إلى الاعتراف بهذه الطريقة في تصور التربية الأخلاقية أعظم الفلاسفة الغربيين تشددًا بين المحدثين منهم ونعني به "كانت"، فكتب يقول: "لقد يكون من المفيد أن نربط هذا

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست