الجزاء الإلهي مدخل
...
4- الجزاء الإلهي:
طبيعة الجزاء الإلهي، وأشكاله:
لقد آن لنا أن نسأل أنفسنا عن طبيعة الجزاء الإلهي ومجاله، على ما وصفه القرآن.
فعلى حين تجعل التوراة السعادة الموعودة في طيبات هذا العالم، ويحصرها الإنجيل تقريبًا في السماء، نجد أن القرآن -كما سبق أن وضحنا- يريد أن يجمع هذين المفهومين، وأن يوفق بينهما.
والحق، أن الأمر بالنسبة إلى القرآن أمر مصالحة وتوفيق، فهو يريد أن يثبت في وحدتهما الأولية عنصرين متكاملين لواقع واحد، عمل الشراح
ناقصة، وأن تستوفي -في جملتها- الشروط المطلوبة، حتى يتقبلها الله، وهو ما يستحيل، في الحالة التي نحن عليها، أن نحكم به على يقين.
وفَسِّرْ لنفسك بهذه الألوان والظلال حالة التباين الظاهري بين القول النبوي، الذي يرى أن قبول الصالحين في الجنة ليس إلا منحة من فضل الله، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما روي عن أبي هريرة, رضي الله عنه: "لن يُدْخِلَ أحدًا عملُه الجنةَ"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة" [1], وبين الأقوال القرآنية التي تتحدث عن ذلك الميراث السماوي، باعتباره ثمنًا مترتبًا على أعمالنا من مثل قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [2]، وقوله: {سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [3]. [1] انظر صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب 19. [2] الزخرف: 72. [3] النحل: 32.