قد قدمت إلينا، وأننا لم نعد في حاجة إلى السعي وراءها ألا نكون بذلك قد كسبنا كل شيء دون أن نخسر شيئًا؟
أليس هذا هو المثل الأعلى؟
وإذا كان هذا المثل الأعلى لا يمكن أن يتحقق في دنيا الابتلاء هذه، فما الذي يمنع أن يتحقق في عالم الجزاء؟
ولماذا يريد البعض أن يكون الأمر غير ذلك؟
لماذا يريدون بأي ثمن إقصاء كل عنصر حسي وإيجابي من السعادة السماوية؟
هل يضر نظام الطبيعة وجمالها بنظام الروح وجمالها؟ أليسا غالبًا قوامها وعمادها؟ ... لا ريب أن العاقل حين يعلم قدرهما الزهيد لن يلتمسهما لذاتهما، كما أنه لن يرفضهما إذا ما أتيحا له. أمن حقنا أن نرفض يدًا تمتد إلينا في صداقة لتقدم إلينا هدية، أو لتعلق على صدرنا حلية؟
إن قيمة هذه الأشياء تكمن أقل ما تكون في مادتها، عنها في معناها ومدلولها، إنها رموز وشواهد على الرضا، الذي لا يمكن أن نرفضه في مواجهة مهديها، إلا إذا أخللنا بالذوق الأخلاقي.
من هذه الزاوية يجب في رأينا أن نتصور وصف القرآن للجنة، وهو وصف قلما ينافي فيه سرور القلب جاذبية الإطار الشعري الذي يظهر فيه. ولقد سبق أن استخرجنا الجانب الروحي من السعادة العلوية في مظهرها المزدوج، الإيجابي والسلبي، ورأينا المظهر المادي السلبي من الإسلام، فلنر الآن بأي جمال حسي يقدم القرآن لنا "الملك الكبير" في السماء، وهو