ولقد رأينا آنفًا توسلات الغني الخبيث، يلتمس قليلًا من الماء ليبل لسانه.
ولذلك يقرر يسوع في أكثر العبارات صراحة، وعمومًا: "وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا، لتأكلوا، وتشربوا على مائدتي في ملكوتي، وتجلسوا على كراسيٍّ تدينون أسباط إسرائيل الاثنى عشر"[1]، وقال أيضًا للذي دعاه: "إذا صنعت غداء أو عشاء ... فادع المساكين، الجدع، العرج، العمي، فيكون لك الطوبى، إذ ليس لهم حتى يكافئوك؛ لأنك تكافَى في قيامة الأبرار"[2]، وأكثر من ذلك تحديدًا أيضًا قوله في آخر اجتماع له مع حوارييه: "وأقول لكم: إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة، هذا إلى ذلك اليوم، حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي"[3]، وقد عبر عن فكرة مماثلة لهذه بمناسبة تناول القربان المقدس، قال: "شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم؛ لأن أقول لكم: إني لا آكل منه بعد، حتى يكمل في ملكوت الله ... "[4].
بيد أن الجانب الحسي من نعيم الجنة أكثر ظهورًا في رؤيا القديس يوحنا: "من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله،[5] من المن المُخفى[6] من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا[7]، أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا[8]، لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس، ولا شيء من الحر"[9].
واقرءوا وصف القدس الجديدة لنفس المؤلف، كتب يقول:
"والمدينة ذهب نقي شبه زجاج نقي، وأساسات سور المدينة مزينة [1] إنجيل لوقا 22/ 29-30. [2] السابق 14/ 12-14. [3] إنجيل متى 26/ 29 ومرقص 14/ 25 ولوقا 22/ 18. [4] انظر: لوقا 22/ 15 و16. [5] رؤيا يوحنا اللاهوتي 2/ 7. [6] السابق: 2/ 17. [7] السابق: 3/ 5. [8] السابق: 21/ 6. [9] السابق: 7/ 17.