responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 501
قصر النية المطلق على العمل، بحيث تمزج "ماهية" الإرادة "بعلتها"، فتجعلهما شيئًا واحدًا لا غير.
ويستطرد الشاطبي ليقول بأن هذه الطريقة في تصور الواجب تتفق اتفاقًا تامًّا مع حالتنا البشرية، كخاضعين للشرع، لا كأصحاب حقوق على الشارع، يطالبون بها. يقول: "ومن الأمور التي تنبني على ما تقدم: أن الفاعل للسبب، عالمًا بأن المسبب ليس إليه، إذا وكله إلى فاعله، وصرف نظره عنه -كان أقرب إلى الإخلاص، والتفويض والتوكل على الله تعالى، والصبر على الدخول في الأسباب المأمور بها، والخروج عن الأسباب المحظورة، والشكر، وغير ذلك من المقامات السنية، والأحوال المرضية، ويتبين ذلك بذكر البعض على أنه ظاهر.
أما الإخلاص، فلأن المكلف إذا لبى الأمر والنهي في السبب، من غير نظر إلى ما سوى الأمر والنهي -خارج عن حظوظه، قائم بحقوق ربه، واقف موقف العبودية، بخلاف ما إذا التفت إلى المسبب وراعاه، فإنه عند الالتفات إليه متوجه شطره، فصار توجهه إلى ربه بالسبب، بواسطة التوجه إلى المسبب، ولا شك في تفاوت ما بين الرتبتين في الإخلاص.
وأما التفويض فلأنه إذا علم أن المسبب ليس بداخل تحت ما كلف به، ولا هو من نمط مقدوراته كان راجعًا بقلبه إلى من إليه ذلك، وهو الله سبحانه، فصار متوكلًا ومفوضًا. هذا في عموم التكاليف العادية والعبادية، ويزيد بالنسبة إلى العبادية أنه لا يزال بعد التسبب خائفًا، وراجيًا، فإن كان ممن يلتفت إلى المسبب بالدخول في السبب، صار مترقبًا له، ناظرًا إلى ما يئول إليه تسببه، وربما كان ذلك سببًا إلى إعراضه عن تكميل السبب، استعجالًا لما ينتجه، فيصير توجهه إلى ما ليس له، وقد ترك التوجه إلى ما طلب بالتوجه إليه.

نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست