واتباع النموذج الذي تدلنا عليه, فإن العناية الخاصة التي نضفيها على العمل لإكماله، والمثابرة التي نؤديه بها -كل ذلك سوف يجعل هذا العمل في نظرنا نموذجًا فنيًّا جديرًا بالتقدير في ذاته، لا باعتبار الثمرة التي يحتمل أن تنتج عنه.
وأخيرًا، فإن هذه الطريقة في النظر إلى الأشياء سوف تزودنا بفضيلتين ضروريتين، لمواجهة جميع الاحتمالات، التي قد تنتج عن أعمالنا. فإذا لم تؤت جهودنا ثمرتها، فقد كنا من قبل هيأنا أنفسنا تقريبًا لذلك، ولن تكون المفاجأة كبيرة. بل سوف نتحمل أكثر النتائج سوءًا بمزيد من الشجاعة، يعدل ما توقعنا من شر، وحسبنا أننا -على الأقل- لم نعلق عليهما أملًا كبيرًا.
أما إذا أسفرت جهودنا -على العكس- عن نتائج طيبة، فهي بالنسبة إلينا، مفاجأة جميلة، ما كان لنا أن نطيق شكر المنعم بآثارها، على إحسانه إلينا, أبدًا.
فهذه بينات كافية لتأييد النظرية، التي ترى أن إخلاص النية ينحصر في أن يستغرق الإنسان استغراقًا مطلقًا في العمل التكليفي، منقطعًا عن أية نتيجة.
أما النظرية المعارضة، فليست هي الأخرى أقل استنادًا إلى أسبابها الخاصة. ونبادر إلى القول بأنها لا تزعم أنها تضع في مكان هذا المبدأ مبدأ آخر أثمن منه، وإنما هي تنازع فقط في حق هذا المفهوم، أن يستأثر بكل القيمة، بحيث توصم كل إضافة ذات اعتبار آخر باللاأخلاقية. أي: إن هذه النظرية تريد أن ترينا عجز فكرة "العمل التكليفي، أو التحريمي" عن أن تنشئ القوة اللازمة للعمل، أو الامتناع عنه، والضرورة الأخلاقية لأن يضاف إليها وجهتا النظر الآتيتان: