من الممكن أن نضع شعور الخوف من الله في مستوى الخوف من الناس؟ أليس من الواجب أن نعترف على الأقل بأن بين هذين الخوفين فرقًا هو: أن الخوف من الناس يعلمنا النفاق والجبن، ويحملنا على خرق القانون حين يكون موضوع هذا الخوف عاجزًا على أن ينالنا؟
أما فيما يتعلق بالأمل في السعادة المقبلة: فقد تقولون: إنها قضية ارتزاق وطمع في الأجر.
نعم، بداهة، نظرًا إلى الحب الخالص، الذي يصد عن كل ما سوى المحبوب ذاته. ومع ذلك فمن ذا الذي لا يرى أن مجرد قبول هذه الصفقة والتنازل هكذا عن مال ملموس، مؤكد، مستحق فورًا، نظير سعادة غير محددة، غير مؤكدة على المستوى الفردي، بعيدة ساحقة البعد، لدرجة أنها تقتضي الموت، والعودة إلى الحياة مرة أخرى. قبل لمسها ... أقول: من ذا الذي لا يرى في كل هذا ارتفاعًا فوق الغريزة الحيوانية المرتبطة بالحاضر، إلى مستوى الآجلة، وبرهانًا على الصفات العليا من الصبر، والسيطرة على النفس، وسعة العقل، وفي كلمة واحدة: برهانًا على نوع من المثالية؟
قد يقال: إنها بصيرة مضارب.
ولكن، يا لها من مضاربة عجيبة! ما كان لأي حساب احتمالي أن يسوغها، دون تدخل من الإيمان.
وإذن، فما هو ذلكم الإيمان، أم لم يكن الاعتقاد فيمن ليس بالنسبة إلينا مدركًا بحواسنا، ولا قابلًا للإثبات بعقلنا وحده؟ فهو حساب إذن، إن وجد، ولكنه أرفع قدرًا وأقل غرضًا من حساب المضاربين جميعًا، إذ إن مخاطره في نظر العقل العملي السليم أكبر بكثير من فرص نجاحه، غير أن الإنسان يوافق عليها، ويرتضيها إلى حد التضحية العليا، بفضل الثقة وحدها.