responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 530
بيد أن فاعلية الشعور المضاد ليست بأقل إثارة للجدل، فهل توقع العقاب في الحياة الأخرى، مهما يكن فظيعًا، يكفي حقًّا لقهر الإغراء الحاضر للشر، وتحويل الإرادة عنه؟ إن لنا الحق أن نشك في هذا، بقدر ما نضع في مواجهة ذلك الإنذار سعة الرحمة الإلهية.
وإذن، فلا يصح من الناحية العامة أن تطغى إحدى هاتين الفكرتين بمفردها، على ضمائر المؤمنين، وذلك ما تنبغي ملاحظته في وصف القرآن للأنفس الصالحة، فهو يقدمها إلينا في الواقع متأثرة بالحالتين المتعارضتين في وقت واحد: الخوف والرجاء، وانظر مثلًا قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [1]، وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [2]، وقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [3].
أية نتيجة يمكن أن نحصل عليها من خلط هذين العنصرين المتضادين، اللذين يبطل كل منهما أثر الآخر، أو كما يمكن أن يقال: من خلط نصفي الشعور هذين، إن لم تكن النتيجة استشعارًا غامضًا، لا يمكن تصويره، وترجمة في لغة عاطفية للإرادة المستسلمة، الخاضعة باختيارها لأوامر الواجب، مهما كانت النتائج؟
"افعل ما يجب، وليكن ما يكون"، ذلك في آخر الأمر هو الموقف الذي تؤدي إليه حالة الشك، التي تزلزل قلب المؤمن.

[1] الأعراف: 55, 56.
[2] الإسراء: 57.
[3] الزمر: 9.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 530
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست