responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 532
ولما كانت هذه المسافة لا يمكن تجنبها تقريبًا في الأنفس الضعيفة، فإنها لا يمكن أن تنشئ جريمة أخلاقية، وإنما هي من قبيل اللمم الذي يغفره أي شرع عادل، وإن كان يعريه من أية قيمة إيجابية.
ولقد رأينا كيف يعرف الغزالي "النية الحسنة" بالمعنى الرفيع للكلمة، ثم هو يتحدث بعد ذلك عن هؤلاء الذين يدفعهم إلى الطاعة خوف العقاب، أو إغراء الثواب، فيقول: "الحقيقة ألا يراد بالعمل إلا وجه الله تعالى، وهو إشارة إلى إخلاص الصديقين، وهو الإخلاص المطلق، فأما من يعمل لرجاء الجنة، وخوف النار فهو مخلص، بالإضافة إلى الحظوظ العاجلة، وإلا فهو في طلب حظ البطن والفرج، وإنما المطلوب الحق لذوي الألباب وجه الله تعالى فقط"[1].
إن البحث عن السعادة المقبلة ليس سوى حالة خاصة لمفهوم أكثر عمومًا، هو السعي إلى غايات ذاتية، وصفناها بأنها مشروعة، ولكنها مبتذلة، وقلنا: إن الشرط في هذا التقدير "الوسط" ألا تكون الإرادة مدفوعة إلى الموضوع المراد، مستقلة عن الشرع، بل بناء على موافقة ضمنية على الأقل بأن تتابع السعي في هذا الموضوع، بهذا العمل أو ذاك.
ولنضف هنا شرطًا آخر يظل خفيًّا بعض الشيء، وغير محدد بصورة كافية. فلكي نستحق هذا التقدير "الوسط" يجب كذلك أن يكون التأثير الذي يمارسه القانون الأخلاقي على هذه الإرادة النفعية ذا طابع "مقيد ومحدد" لا أكثر ومعنى هذا: أنه يمنعها من أن تمضي إلى ما وراء الغاية المقصودة، ولكنه لا يقدم لها أي سبب صالح لتشجيعها على العمل، وإلا

[1] الإحياء 4/ 369.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 532
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست