responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 540
فهل من سبب يدعوه إلى إهمال كل شيء؟ [1].
وإذن فإن حكماءنا، في انتظارهم وبحثهم عن القيمة العليا، لم يذهبوا مطلقًا إلى حد اللامعقول. أليس من التناقض الأخلاقي في الواقع أن نترك الشر يستشري، في انتظار المثل الأعلى؟
لا شك أن من الشجاعة، والشهامة والرجولة، أن نتحمل -كما ينبغي- ضراوة الجوع عندما تفرضها علينا ضرورة أخلاقية أو طبيعية، ومن الجميل والجليل أن يعاني المرء تجربة العزوبة العفة؛ فذلك أحرى من أن يوقعه الزواج في سوء أخلاقي.
وإن القرآن ليدعونا إلى هذا الجلد والتحمل والمصابرة، حتى في الآيات التي يمنحنا فيها الرخص. ولكن للامتناع حدودًا يصبح التصلب والمكابرة من ورائها، لا أقول: نكالًا يرفضه الشرع فحسب، بل أمرًا ضد إرادة الله ورضاه.
ومن المفيد أن نرى كيف تتعاقب هذه الأفكار الثلاثة في نفس الفقرة القرآنية: [1]- الإباحة2- النصيحة بالصبر والجلد 3- استبقاء الرفق،

[1] انظر: المحاسبي -كتاب الرعاية, 169, قال: إن إبليس "يدعوك إلى الحذر من الرياء بترك العمل، ولما لم تطعه في ترك العمل دعاك إلى الرياء ليحبط عملك، فلما لم تطعه ولم تجبه إلى ذلك حذرك الرياء بترك العمل، فقال: إنك مراء، فدع العمل، فردك إلى ما أرادك عليه، من ترك العمل أولًا، فلما لم تجبه إلى تحذيره ورثك أمنه، فأمنته، إذ لم تفطن أنه إنما أراد أن يحرمك ثواب العمل إذ عرض لك بتحذير الضرر، وأنك تريد بذلك الإخلاص، فلم تخلص لله -عز وجل- شيئًا حين تركت العمل؛ لأن الإخلاص أن تعمل، وتحذر الرياء، وتنفيه عن عملك، فيخلص لك عند ربك -عز وجل- وليس الإخلاص أن تترك العمل، فلا يخلص لك -عز وجل- عملك.
فعلى المريد الإخلاص في عمله، فإن ترك العمل إرادة الإخلاص فلم يخلص لله -عز وجل- عمله ولكن تركه". "المعرب".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست