responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 568
إن المفسرين متفقون على أن هذا القول يصدق في حالة افتراض أن انكشاف السر لم يحدث إلا بعد أن تم العمل، فهل يصدق أيضًا في حالة ما إذا فوجئ الإنسان، وهو يؤديه؟
لقد أراد المحاسبي -بعد أن ذكر الخلاف في هذه النقطة- أن يحسم النقاش، فأحدث تفرقة نوافقه عليها، فهو يلاحظ في الواقع أن السرور الذي يحس به المرء حين يرى في طريق الخير، قد تكون له أسباب مختلفة، ليس لها كلها نفس القيمة، فمثلًا: قد يكون منبعًا للسرور الأخلاقي الحقيقي أن يعطي المرء القدوة الصالحة من نفسه للآخرين، لا لكي ينال الحظوة عندهم، بل لكي تجد الفضيلة بهذه الوسيلة أكبر عدد من المشايعين لها، والعاملين بها. ولكنه ليس محظورًا أن يرتضي المرء هذا الانكشاف غير المتوقع، والذي لم يحاوله، حين يرى فيه نوعًا من الأجر الإلهي، أو دليلًا على أن مآثره الصالحة أهل لاستحقاق رضوان الله.
أما فيما يتعلق بسرور الإنسان الطبيعي بأن يكون مقدرًا في الناس، فذلك معدود دائمًا نقصًا بالنسبة إلينا، ولكنه لا يعتبر محرمًا إلا إذا توقفنا عنده وقنعنا به، فإذا ما اختزل إلى شعور لاإرادي، وعابر، ترددنا في المبالغة في خطورته، وهو ما لم يمنع الأنفس الكبيرة من أن تتألم منه، وتود لو أفلتت من إساره تمامًا[1].
فإذا ما نحيت هذه الحالات، فإن المشكلة الحقيقية تكون حين تسبق النظرات النفعية العمل، ثم تصبح إلى حد معين من بين الأسباب التي تفرضه، فذلك هو ما يطلق عليه بالمعنى الصحيح: "اختلاط البواعث".

[1] ومن ثم نقرأ في دعاء من أدعية السُّنة: "وأستغفرك لكل خير أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك".
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 568
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست