responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 575
وقد سبق هذا الشك أيضًا لدى المحاسبي، ولكن بصورة تذكرنا بالنظرية الديكارتية عن الدليل النظري، فهو مع اعتقاده أنه من الممكن، بل مما تفرضه الضرورة الأخلاقية -ألا نبدأ عملًا إلا عن يقين بأننا نقصد به وجه الله وحده، إلا أنه يرى أن انقضاء بعض الوقت قد يتيح الفرصة للنسيان أو الغفلة، مما يستوجب خوفنا من تسرب بواعث أخرى إلى نفوسنا لا نكون متنبهين لها[1]، كالارتياح والسرور باطلاع الناس على أعمالنا، أو ركون القلب إلى شيء من ذلك مما لا يلتفت إليه، ثم لا نزال حذرين حتى نفرغ، ثم نمسك عن إظهارها، يقول المحاسبي: "فإذا مضى عليه وقت من الأوقات، ولو كان كطرف العين، مما يمكن المخلوق فيه النسيان والسهو، فالخوف أولى به؛ لأنه لا يدري لعله قد خطرت خطرة بقلبه: رياء أو عجب، أو كبر، أو غيره، فقبلها وهو ناسٍ، لا يذكر أنها رياء، فيكون مشفقًا، خائفًا، فالخوف على عمله، والوجل والإشفاق من أجل ذلك، بل الأمل والرجاء أغلب وأكثر؛ لأنه قد استيقن أنه قد دخله بالإخلاص لله وحده، ولم يستيقن أنه راءى بشيء منه، فالإخلاص عنده يقين، والرياء هو منه في شك، فخوفه إن كان قد خالطه رياء كان ذلك الخوف مما يرجو أن يصفيه الله له، لإشفاقه على ما لا يعلم فيه، فبذلك يعظم رجاؤه، وإن لم يكن خالطه رياء فذلك زيادة على عمله، وعبادة منه، وكلما أشفق ازداد نعيمًا بالطاعة، وأملًا في الله عز وجل، إذا أيقن أنه دخله بالإخلاص، وختمه بالإشفاق والوجل من علم الله عز وجل، فبذلك يعظم رجاؤه وأمله، ويتنعم بطاعة ربه عز وجل"[2].

[1] ومع ذلك فلا يبدو المحاسبي متشددًا في مسألة معرفة ما إذا كان يجب أن يكون لكل عمل نية جديدة. مؤكدة الإخلاص، فعلى الرغم من أنه يفضل أن يكون ذلك كذلك -يكفي، كما يؤكد، أن يصدق المرء في نية العامة، بألا يطيع الله إلا لذاته، ومتى شعر بسيطرة فكرة أخرى وجب أن يدفعها بازدراء، مجددًا نيته في ألا يعمل إلا لله. "المحاسبي, الرعاية 200".
[2] السابق 198 و199.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست