الثانية، كإضافة خاضعة للمبدأ الأسمى، ألا وهو: رضوان الله العلي الأعلى.
وإذن، فماذا يبقى لكي نخص به الفطرة، على صعيد القيم الأخلاقية؟
لا شيء.
ألا يوجد استثناء من أجل البحث عن السلام، وعن السعادة الموعودة؟
لا.
ولكن، فيم إذن الخلاف في هذا الصدد بين المتطرفين والمعتدلين؟
هذا الخلاف لا ينصب إلا على طرف جانبي من المسألة، ولا يقلل صرامة النتيجة التي انتهينا إليها في شيء، فبعضهم يرى أن ما سوى المبدأ الأسمى ذل ودناءة، وضياع للقيمة، وآخرون يرون أنه تفاهة ونفي للقيمة.
فالذين يبحثون عن القيم العليا الخالدة، مفضلين إياها على الملذات العابرة، يعرفون بكل تأكيد، الشروط الواجب توفرها لهذا الاختبار، فإن المقاعد محجوزة للقلوب المخلصة، المتوجهة إلى الله.
فليس يكفي إذن أن يكون للإنسان نشاط مستنير، واعٍ بذاته، وبعلاقته بالشرع، يقظ للأمر الإلهي كنموذج يتبع، وإن انقاد لمبدأ آخر غريب عنه، بل يجب أن يكون هذا النشاط متحركًا، مهتديًا، متأثرًا بهذا الأمر العظيم ذاته.
يجب أن يصبح هذا الأمر، للنظر المتأمل محركًا.
يجب أن يتحول هذا النور إلى قوة.
يجب أن يكون الموضوع المباشر، في نفس الوقت الغاية الأخيرة.