وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [1].
بيد أن مفهوم "الجهد" لا يتحدد بوساطة "العمل بعامة"، بل "بالعمل المؤثر الفعال" بخاصة، الذي موضوعه: "مقاومة قوة، أو قهر مقاومة"[2]، وهو تعريف متوافق ابتداء مع المعنى المادي، ولكنه يجب أن يتوافق أيضًا مع المعنى الأخلاقي. والتماثل بين المجالين واضح جلي؛ فعلى صعيد الإبداع الخيِّر يصادف الفكر غالبًا في الموضوع، وفي نفسه، عقبتين ينبغي أن يتخطاهما: خمود المادة التي يجب تحويلها، ونقص الهمة في الإرادة الفاعلة.
والأمر كذلك عندما يجب الامتناع عن الشر، في مواجهة القوى التي تدفعنا إليه. ففي هذه الحالات جميعًا لا يكفي أن "نعمل"، بل يجب أن "نجاهد بقوة وإصرار".
لقد كان وجودنا العضوي والمادي صراعًا مستمرًّا ضد جميع أنواع الشرور، التي نلقاها عن طريق الحياة، حتى الموت[3]، ولا يفتأ القرآن يذكرنا بهذا الظرف الملازم للطبيعة الإنسانية، في مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} [4].
ولكن فوق هذا الجهد "الطبيعي" الذي تفرضه الغريزة جهدًا آخر، يقتضيه "العقل"، ويجب أن يسخر لخدمة "المثل الأعلى".
هذا النوع من الجهد، هو الذي نزمع دراسته في الأخلاق الإسلامية. [1] التوبة: 105. [2] dictionnaire littre. article: effort. [3] اقرأ: le philosophie de l'effort: sabatier. [4] الانشقاق: 6.