responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 622
ولعلنا نذكر حالة الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ فقال: "الصلوات الخمس، إلا أن تطوع شيئًا". فقال: أخبرني بما فرض الله عليَّ من الصيام؟ قال: "شهر رمضان، إلا أن نطوع شيئًا". قال: أخبرني بما فرض الله عليَّ من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شرائع الإسلام. قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا، ولا أنقص مما فرضه الله عليَّ شيئًا، فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق" [1].
ثم إن كلمة "الأفضل" هنا لا ينبغي من ناحية أخرى أن تؤخذ على أساس أنها صيغة الحد الأعلى، بل على أساس المقارنة، فإن المستوى الذي يندب جهد كل إنسان إلى أن يبلغه مباشرة ليس هو الدرجة الحدية التي يتعين الوقوف عندها، بل كل الامتداد الذي يقع فوق التكليف، بالمعنى الدقيق للكلمة. وفي هذا الامتداد المتراحب الذي يتسع لتنافس كل الناس، يدعى كل واحد منهم إلى أن يرتقي بالتدريج، من نقطة إلى أخرى، بحسب قدراته، ومع مراعاة ما بقي من تكاليفه.
هاتان الملاحظتان تسهمان من جانبهما في إبراز الصفة الرحيمة في هذه الأخلاق، فهما تضيفان إليها جانبًا جديدًا، فضلًا عن الجانب الذي تناولناه من قبل[2].
وخلاصة القول: أن العناصر الثلاثة التي يتكون منها الجهد المبدع بأكمل معاني الكلمة هي: "الاختيار الإرادي"، و"الاختيار الصالح"، و"الاختيار الأفضل".

[1] البخاري, كتاب الحيل, باب 3.
[2] انظر الفصل الأول, فقرة 3 ب.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 622
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست