responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 624
واحدة: إنها لا ترى أن النقص من ناحية مُعوَّض بالزيادة، وفيض الزيادة من الناحية الأخرى[1].
والواقع أن هدف جهد القديس أو الصالح ليس: أن يتحاشى الكبائر، ويتحفظ من السقوط في "قاع" الأخلاق، بقدر ما هو: أن يتحاشى التوقف عند درجة من الكمال أية كانت، وأن يصعد دائمًا إلى أعلى، في الطوابق العليا.
فالأخلاق عند القديسين ليست حربًا، بل هي بالأحرى حياة، بكل ما تضمه الحياة من صراع في المسيرة وفي التقدم؛ ولذلك يشعرون أثناء فترات راحتهم القصيرة بأنهم منادون إلى أن يبدءوا العمل، وهذا النداء الباطن يرتدي في القرآن شكل دعوة صريحة إلى النبي, صلى الله عليه وسلم: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [2].
وهكذا يتضح أننا أبعد ما نكون عن القول بأن أي مخلوق، مهما كان, يمكن أن يُعفى نهائيًّا من الكفاح؛ بل إننا نرى كيف ينفتح أفق لا حد لرحابته أمام الأنفس الطاهرة المخلصة كيما تبذل جهدها. فحتى لو انتهت مقاومتنا ضد الأهواء المضادة للشرع، فإن علينا أن نقهر خمود المادة، وأن ننتصر على تثاقل الفطرة؛ كيما نحلِّق في آفاق تزداد على مر الزمن رقيًّا.
ومن هنا تنبع هذه النتيجة التي لم يسبق إليها أحد، والتي تبدو في الظاهر متناقضة: إن "القداسة" بدلًا من أن توضع خارج الأخلاق، سوف تكون -بالعكس- "الأخلاقية بأجلى معانيها". وتلك على

[1] أدرك القشيري جيدًا فكرة هذا التعويض. "انظر: الرسالة, فصل الإرادة, ص92" ويأتي بعده بزمن طويل ابن عباد ليلاحظ ملاحظة مماثلة، بمناسبة المقارنة بين السالك المجذوب، والمجذوب السالك. "انظر: الرسائل ص40-41".
[2] الانشراح: 7-8.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست