responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 629
وهكذا نجد في القرآن لكل درجة من درجات الدقة مقتضياتها الخاصة، كما نجد فيه -لكي نبلغ مستوى الكمال الكلي- تصاعدًا لا ينتهي.
والحق أنه كثيرًا ما يحدث لدى كبار القديسين أن يحكموا على أنفسهم في سلوكهم العادي بأنهم أدنى من المرتبة العليا التي يطمحون إليها، ولما كان ماضيهم بالنسبة إلى حاضرهم كحاضرهم بالنسبة إلى مستقبلهم، ليست هذه كلها سوى مراحل من التقدم المستمر، فإن كل حالة سابقة تتمثل لهم على أنها مما يوجب الحياء حقًّا إذا ما قورنت بما يلحقها، وبهذا المعنى فسر كثير من الشراح الآية القرآنية التي تقول: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [1]، وفسروا بنفس الطريقة ما كان من همة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونشاطه في الصلاة، وما كان من إلحاحه كل يوم، في رجاء عفو الله: "فعن أبي بردة قال: سمعت الأغر، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدث ابن عمر، قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "يأيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة" [2].
لقد درسنا فيما سبق فكرة القرآن عن الجهد، في جانبيها الدفاعي والهجومي، ورأينا كيف أن الجهد، في شكل أو آخر، وفي جميع الدرجات -هو أداة ضرورية للحياة الأخلاقية، سواء لإزاحة الشر، أو لأداء الخير، أو لبلوغ الكمال. والصراع شرط الإنسان، سواء لكسب الفضيلة، أو لحفظ الحياة: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [3].
ولكن بحثنا حتى الآن قد انصب بصورة جوهرية على الجزء الباطني من الجهد، ويجب علينا الآن أن ندرسه في شكله الحسي. وإذن فماذا تكون القيمة الأخلاقية للجهد البدني في نظر القرآن؟

[1] الضحى: 4، وقد ترجم المؤلف هذه الآية على المعنى الذي ساقها دليلًا عليه، فقال ما معناه: "والمستقبل خير لك من الحاضر"، والعبارة الفرنسية هي:"en verite, le future vaut mieux pour toi "o prophete" que le present". وواضح أن الترجمة لم تنقل الآية، وإنما عبرت عن وجهة نظر بعض المفسرين في بيانها. وذلك هو غاية ما يبلغه المترجمون لكتاب الله المعجز بيانه للأولين والآخرين. "المعرب"
[2] صحيح مسلم, كتاب الذكر, باب 12.
[3] البلد: 4.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 629
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست