لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" [1].
والواقعة التالية تعطينا مثالًا آخر، من هدي رسول الله، فعن ابن عباس قال: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي, صلى الله عليه وسلم: "مره فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه" [2].
ألا يترتب على هذا بداهة أن الجهد البدني في الإسلام لا يمكن أن تكون له قيمة منفصلة عن مضمونه؟
ولهذا، فعندما يكون الأمر بالعكس، أي: عندما لا يكون أداء الواجب إلا مع تحمل بعض المشقة البدنية، فإن القرآن والحديث لا يألوان جهدًا في طلب جهدنا في مختلف صوره:
- جهد من أجل المعيشة: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض} [3], {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [4]. [1] صحيح مسلم, كتاب النكاح, باب 1. [2] صحيح البخاري, كتاب الأيمان والنذور، باب 30. وقد اختلف النص الذي نقلناه من الصحيح عن نص الأصل في عبارة "مروه" والصواب ما أثبتناه. "المعرب". [3] الجمعة: 10. [4] الملك: 15.