خاتمة:
عرفنا الآن حقيقة الجهد المطلوب، والمحمود في القرآن. إنه أولًا نشاط أخلاقي ومادي يسخر لخدمة الواجب، ويقاس إليه، فكل ما هو "متعسف" لا علاقة له به، ثم هو بعد ذلك نشاط "مبصر" واضح الرؤية من ناحيتين؛ لأن نظراته لا تتجه فقط إلى الطاقات المتاحة، كيما تستخدمها على بصيرة، ولكنها في الوقت نفسه تحتوي في نظرة واحدة مختلف العلاقات بين الفرد من جانب، "وربه، والناس أجمعين، ونفسه من جانب آخر" كيما تتوزع فيما بين هؤلاء جميعًا توزيعًا عادلًا، فتنهض بمختلف تكاليفهم.
وهو أخيرًا نشاط "نبيل" "متبصر في العواقب"، فهو لا يريد في الواقع أن يستنفد ويستهلك استهلاكًا وقتيًّا، فيصبح بلا ثمرة،، وبلا غد، بل هو على العكس يتوقع نوعًا من الدوام، والثبات تزداد معهما الغبطة ويتنامى السرور.
فإذا ما قصد الجهد إلى هذا المثل الأعلى الواجب، بعناصره الثلاثة: "القوة، والمكان، والزمان" فيجب أن يندفع في طريقه، بحيث يتجنب الإفراط في حال تألقه، ويتجنب التفريط في حال تقاصره.