والرجاء، ولا تجد تسويغها إلا في إرادة عليا تملي على وجه الاستعلاء أوامرها، مستقلة عن كل ما يقتضيه العقل، والشعور الإنساني، وهي إرادة يجب على الإنسان أن يطيعها، دون مناقشة، أو فهم.
إنها ليست دينية بهذا المعنى؛ لأن القرآن لم يزل يدعو إلى هذه المفاهيم الإنسانية على وجه التحديد؛ لتسويغ أوامره، ومن هذه الوجهة نستطيع أن نقول: إنه قد زود تعليمه الأخلاقي بنظام تربوي غاية في الكمال، بحيث يصلح لجميع مراتب الأخلاقية.
فالمبتدئ، والطيب، والحكيم، والقديس، كل هؤلاء يحدون فيه ما يشبع حاجتهم إلى الاقتناع سواء على المستوى العقلي أو العاطفي، الصوفي أو الإنساني، لدرجة أن أكثر أوامره حتمية في الظاهر، وهو الذي نتلقاه دون أن يتضمن سببًا محددًا لتسويغ وضعه -هذا الأمر إنما يقوم في الحقيقة على المفهوم العام للحكمة الإلهية، وعلى مفهوم غير محدد للخير يرمي إليه.
ولا ريب أن العنصر الديني يعود في جزء منه، في اعتبار المشرع -إلى هذه العلاقة الثلاثية: سواء باعتباره جانبًا من الحياة الإنسانية يحتاج إلى قاعدة منظمة، أو باعتباره ضمانة كبرى للنجاح في تطبيق القانون، أو باعتباره تسويغًا لهذا التحديد أو ذاك، مما قد يبدو لنا غير ذي أهمية في ذاته، أو قد لا تكفي أنوارنا وبصائرنا للكشف عنه أو تفسيره من الناحية العقلية.
بيد أنه في جميع الحالات "لا يتراكب العنصران: الديني والأخلاقي"، ولا يستطيع أحدهما أن يعرف الآخر.
ألا يمكن أن نحصل على هذا التراكب من ناحية واحدة على الأقل، حين