الْعُسْرَ} [1]، ويقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [2]، ويقول: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [3]، ويقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [4].
ففي هذه الكلمات نسمع نغمة جديدة تمامًا، إذ إنه على حين أن الشرط الأول، وهو الإمكان، كان يساق على أنه حقيقة أبدية، مستقلة عن المكان وعن الزمان -لا نصادف هنا سوى أقوال مقيدة، تقدم لنا هذا الطابع الثاني: اليسر، على أنه واقعي تاريخي، متصل بالأمة التي يتوجه إليها الخطاب، أعني: أمة الإسلام.
فإذا لم يكن المراد ضرورة أن هذا الطابع إسلامي النوع، فلا أقل من أن يوحي إلينا عدم القصد إلى ذكر قول عام في هذا الصدد، فكرة أن هذا الجانب ليس مشتركًا بين جميع الشرائع المنزلة.
هذه الفكرة التي يمكن أن نستنتجها هنا من مجرد المقابلة الأسلوبية، جاءت إلينا واضحة تمام الوضوح في آية أخرى هي قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [5]، فقد كان هنالك إذن "إصر" مفروض في شريعة سابقة، ففي أي دين كان؟ وما هو هذا الإصر؟
فأما عن النقطة الثانية، فقد ذكر المفسرون أمثلة كثيرة، لا مجال هنا لتحقيق قيمتها التاريخية.
وأما عن النقطة الأولى، فإن العبارات التي استخدمها بعضهم يفهم منها أن ذلك كان في جميع الأديان السابقة، التي باينتها شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- بما يشبه [1] البقرة: 185. [2] الحج: 78. [3] النساء: 28. [4] الأنبياء: 107. [5] البقرة: آخر آية.