responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 84
فإذا كان حقًّا ألا شيء في هذه الدنيا بخير مطلق، أو شر محض، وأن ما يسمى خيرًا أو شرًّا ليس في جملته إلا ما يحتوي على نسبة أكبر من هذا أو ذاك, فإن النتيجة التي نخلص إليها لا بد أن تكون الإدانة الحقيقية.
بيد أن الذي حدث هو أن التحريم لم يكن واضحًا بدرجة كافية لجميع العقول؛ ولذلك ظل عدد من المسلمين يشربون، ولعلهم كانوا هم الغالبية، على حين بدأ آخرون منذ ذلك الوقت الامتناع عن الشرب، ومن ثم كان لازمًا بعض الأوامر الأكثر صراحة؛ كيما تصل جميع العقول إلى الاقتناع الكامل، ومع ذلك فإن هذا كله لم يكن بلا تأثير على جانب اللاشعور في المجتمع، حتى إن بعض ذوي العقول الراجحة كانوا يتوقعون نزول حكم نهائي يؤيد وجهة نظرهم، وقد حدث فعلًا أن نزل حكم، ولكنه لم يكن الحكم النهائي، وإنما سوف نجده يمثل مرحلة وسيطة.
في هذه المرحلة الثالثة لم يقل القرآن: "لا تشربوا"، بل قال: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [1]. وهنا نلاحظ التقدم الذي حققته هذه الخطوة، إذا ما ذكرنا أن الصلاة تعتبر الفريضة الأولى في الإسلام، لا لأنها الفريضة الدينية الأولى، التي يجب أداؤها في أوقاتها، ولكن لأنها كذلك المناط الخارجي والعلامة المميزة للمؤمن -هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، يجب أن تقام خمس مرات في اليوم والليلة؛ أربع منها ما بين الظهر إلى الليل، وينتج عن ذلك أن الذي يشرب أثناء هذه الفترات يكاد يخل بالفريضة، بل بأكثر الفرائض قداسة.
وهكذا كان هذا التحريم الجزئي غير المباشر منهجًا علميًّا لتوسيع فترات انقطاع التأثير الكحولي، وفي نفس الوقت تقليل رواج الأشربة، وتجريدها

[1] المائدة: 43.
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست