من الفقهاء البطالين، الذين قصدهم المناصب والمدارس والدنيا والرفاهية والثياب الفاخرة،فماذا بركة العلم، ولا هذه نية خالصة، بل ذا بيع للعلم بحسن عبارة وتعجل [للأجر] [48] وتحمل للوزر وغفلة عن الله، فلو كنت ذا صنعة لكنت بخير، تأكل من كسب يمينك وعرق جبينك، وتزدري نفسك ولا تتكبر بالعلم، أو كنت ذا تجارة لكنت تشبه علماء السلف الذين ما أبصروا المدارس ولا سمعوا بالجهات، وهربوا لما للقضاء طلبوا، وتعبدوا بعلمهم وبذلوه للناس، ورضوا بثوب خام وبكسرة، كما كان من قريب الإمام أبو إسحاق [49] صاحب (التنبيه) ، وكما كان بالأمس الشيخ محيى الدين [50] صاحب (المنهاج) .
وكما ترى اليوم سيدي عبد الله بن خليل، وعلى كل تقدير احذر المراء في البحث وإن كنت محقا، ولا تنازع [48] المثبت من "س" والمطبوعة والذي في "م" (الأجر) . [49] هو الامام أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه الشيرازي الشافعي، المتوفى سنة 476، قال عنه ابن خلكان: (كان في غاية من الورع والتشدد في الدين، ومحاسنه أكثر من أن تحصر) . له ترجمة فى (وفيات الأعيان، 1: 29) ، و (تهذيب الأسماء واللغات، 2: 172) ، و (طبقات الشافعية للسبكي، 3: 88) ، و (كشف الظنون، 1: 489) وفيه (أن كتابه هذا (التنبيه في فروع الشافعية) هو أحد الكتب الخمس المشهورة المتداولة بين الشافعية، وأكثرها تداولا) اهـ. [50] هو الامام النووي، وشهرته تغني عن ترجمته، وكتابه هذا هو (منهاج الطالبين) ، انظر (كشف الظنون، 2: 1873) .