[وكان بين ذلك قواما]
6 -عاد الأب من عمله والأبناء من مدارسهم، اكتمل شمل الأسرة حول المائدة التي كانت عامرة بما لذ وطاب من أصناف الطعام، حيث تعددت الأطباق واختلفت الأنواع حتى ليخيل للرائي أن هذه المائدة قد أعدت لعشرين شخصا لا لأربعة أشخاص، فما كان من عبد الرحمن حين رأى ذلك إلا أن هتف ببراءة الأطفال:
سلمت يداك يا أماه على كل هذا الطعام. . آه كم أنا جائع.
ردت الأم بحنو ظاهر: لقد قضيت اليوم كله وأنا أعد هذه المائدة التي ترونها الآن وآمل أن تحوز على رضاكم وألا يضيع جهدي هباء [1] .
أجاب الأب وقد بدا الوجوم على وجهه:
سلمت يداك يا أم عبد الرحمن، حقا إنها مائدة شهية عامرة بأصناف الطعام اللذيذ، ولكنني لا أتذكر أنني أخبرتك بأنني دعوت أحدا للغداء.
أجابت الأم وقد اعتراها الزهو لهذا الإطراء: [1] الهباء: دقائق التراب ساقطة ومنثورة على وجه الأرض، ومنه يقال ذهب هباء منثورا أي ذهب ضياعا.