أرواحهم وتطمئن نفوسهم، فيأمنون فيها على عوراتهم وحرماتهم، ويلقون أعباء الحذر والحرص، ولا تكون البيوت كذلك إلا حين تكون حرما آمنا لا يستبيحه أحد إلا بعلم أهله وإذنهم، وفي الوقت الذي يريدون وعلى الحالة التي يحبون أن يلقوا عليها الناس.
- وهل كان الاستئذان يا أبي من آداب العرب في الجاهلية؟
- لا يا بني، لم يكن الاستئذان من آداب العرب في الجاهلية، لقد كان الزائر منهم يدخل البيت ثم يقول: لقد دخلت، وكان يحدث ألا يرضى أهل الدار عن حالهم التي رآهم عليها هذا الزائر؛ من أجل هذا أدب الله المسلمين بهذا الأدب العالي، أدبُ الاستئذان على البيوت والسلام على أهلها؛ لإيناسهم وإزالة الوحشة من نفوسهم قبل الدخول.
سأل جابر والده وهو متلهف لسماع المزيد من الشرح حول هذه الآية:
- ألهذا ذكر الله كلمة تستأنسوا قبل كلمة وتسلّموا؟
- نعم يا بني، إن الإيناس في هذه الآية يوحي بلطف الاستئذان ولطف الطريقة التي يجيء بها الطارق، فتحدث في نفوس أهل البيت أنسا به واستعدادا لاستقباله، وهي لفتة دقيقة لطيفة لرعاية أحوال النفوس ولتقدير ظروف الناس في بيوتهم وما يلابسها من ضرورات، لا يجوز أن يشقى بها أهلها ويحرجوا أمام الطارقين في ليل أو نهار.