من علم الديك يصادف الحبة في الأرض، وهو يحتاج إليها ولا يأكلها، بل يستدعي الدجاج، ويطلبهن طلبا حثيثا حتى تجيء الواحدة منهن، فتلتقطها وهو مسرور بذلك، طيب النفس به.
وإذا وضعت له الحب الكثير فرقه ههنا، وههنا، وإن لم يكن له دجاج؛ لأن طبعه قد ألف البذل والجود، فهو يرى أنه من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام! [1].
42ـ توطين النفس على الاعتدال حال السراء والضراء:
فلقد مر بنا أن من أسباب سوء الخلق ـ الغنى، والمرض، والكبر، والولاية، والعزل.
ولهذا فإنه يحسن بالعاقل الذي يروم نيل المعالي، واكتساب الفضائل أن يوطن نفسه على الاعتدال حال السراء والضراء؛ لأن من أدب صاحب المروءة أن يقف موقف الاعتدال في حالي الضراء والسراء.
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ... ولا جازع من صرفه المتقلب[2].
ومن هنا نرى أن صاحب المروءة لا تطيش به الولاية في زهو، ولا ينزل به العزل في حسرة، ولا يحمله الغنى على الأشر والبطر، ولا ينحط به الفقر إلى الذلة والخنوع[3]. [1] انظر ذلك مفصلا في شفاء العليل لابن القيم، ص 147ـ164. [2] عيون الأخبار1/276، و281. [3] انظر: رسائل الإصلاح10/210.