نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 113
وإنما فعل وزينه عندهم لسببين: أحدهما: أنه أرادهم يمشون في الظلمة.
والثاني: أن تصفح العلم كل يوم يزيد في العالم، ويكشف له ما كان خفي عنه، ويقوي إيمانه ومعرفته، ويريه عيب كثير من مسالكه، إذا تصفح منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.
فأراد إبليس سد تلك الطرق بأخفى حيلة؛ فأظهر أنه المقصود العمل لا العلم لنفسه، وخفي على المخدوع أن العلم عمل، وأي عمل!
فاحذر من هذه الخديعة الخفية، فإن العلم هو الأصل الأعظم والنور الأكبر.
وربما كان تقليب الأوراق أفضل من الصوم والصلاة والحج والغزو، وكم من معرض عن العلم يخوض في عذاب الهوى في تعبده، ويضيع كثيرًا من الفرص بالنفل، ويشتغل بما يزعمه الأفضل عن الواجب، ولو كانت عنده شعلة من نور العلم، لاهتدى، فتأمل ما ذكرت لك، ترشد إن شاء الله تعالى.
مدارة النفس والتلطف بها لازم
...
59- فصل: مداراة النفس والتلطف بها لازم
307- مر بي حمالان تحت جذع ثقيل، وهما يتجاوبان بإنشاء النغم، وكلمات الاستراحة، فأحدهما يصغي إلى ما يقوله الآخر، ثم يعيده، أو يجيبه بمثله، والآخر همته مثل ذلك، فرأيت أنهما لو لم يفعلا هذا، زادت المشقة عليهما، وثقل الأمر، وكلما فعلا هذا، هان الأمر.
فتأملت السبب في ذلك، فإذا به تعليق فكر كل واحد منهما بما يقوله الآخر، وطربه به، وإجالة فكره في الجواب بمثل ذلك، فينقطع الطريق، وينسى ثقل المحمول.
308- فأخذت من هذا إشارةً عجيبةً، ورأيت الإنسان قد حمل من التكليف أمورًا صعبة، ومن أثقل ما حمل مدارة نفسه، وتكليفها الصبر عما تحب، وعلى ما تكره، فرأيت الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية والتلطف للنفس، كما قال الشاعر:
فإن تَشَكَّتْ فَعَلِّلْهَا المَجَرَّةَ مِنْ ... ضَوْءِ الصَّبَاحِ، وَعِدْها بِالرَّوَاحِ ضُحَى
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 113