69- فصل: أفضلُ الأشياء التَّزيُّد من العلم.
351- أفضل الأشياء التزيد من العلم، فإنه من اقتصر على ما يعلمه، فظنه كافيًا؛ استبد برأيه، وصار تعظيمه لنفسه مانعًا له من الاستفادة، والمذاكرة تبين له خطأه، وربما كان معظمًا في النفوس، فلم يتجاسر على الرد عليه، ولو أنه أظهر الاستفادة، لأهديت إليه مساوئه، فعاد عنها.
352- ولقد حكى ابن عقيل عن أبي المعالي الجويني[1]: أنه قال: إن الله تعالى يعلم جمل الأشياء ولا يعلم التفاصيل! ولا أدري أي شبهة وقعت في وجه هذا المسكين حتى قال هذا!، وكذلك أبو حامد[2] حين قال: النزول التنقل، والاستواء مماسة، وكيف أصف هذا بالفقه، أو هذا بالزهد، وهو لا يدري ما يجوز على الله مما لا يجوز؟! ولو أنه ترك تعظيم نفسه، لرد صبيان الكتاب رأيه عليه، فبان له صدقهم.
353- ومن هذا الفن أبو بكر بن مقسم[3]، فإنه عمل كتاب الاحتجاج للقراء فأتى فيه بفوائد؛ إلا أنه أفسد علمه بإجازته أن يقرأ بما لم يقرأ به، ثم تفاقم ذلك منه، حتى أجاز ما يفسد المعنى، مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] ، فقال: يصلح أن يقال هنا: "نُجِيًّا" أي خلصوا كِرَامًا برآء من [1] عبد الملك بن عبد الله بن يوسف، الجويني، إمام الحرمين "419-478هـ": من أئمة الشافعية والأصوليين والمتكلمين، صاحب المصنفات العظيمة. انظر: حول هذه المسألة التي حكاها ابن عقيل سير أعلام النبلاء "18/ 472-475". [2] محمد بن محمد الغزالي، الطوسي، فقيه متصوف، متكلم، أصولي ولد بطوس سنة "450هـ" ودرس في نظامية بغداد ورحل إلى دمشق فبيت المقدس فالإسكندرية ثم عاد إلى بلده طوس وتوفي في طابران سنة "505هـ" وإمامة كل من الغزالي وإمام الحرمين، ووصفهما بالفقه والزهد لا تتوقف على شهادة ابن الجوزي رحمهم الله جميعًا، وهذا لا يقتضي لهما العصمة فكل يؤخذ ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم. كما أن خطأ أحدهم لا يقدح في مكانته وعلمه. [3] محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم العطار، أبو بكر "265-354هـ"، عالم بالقراءات والعربية.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 127