نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 182
542- وكذلك رأينا خلقًا كثيرًا يحرصون على جمع الكتب، فينفقون أعمارهم في كتابتها.
وكدأب أهل الحديث، ينفقون الأعمار في النسخ والسماع إلى آخر العمر، ثم ينقسمون: فمنهم من يتشاغل بالحديث وعلمه وتصحيحه، ولعله لا يفهم جواب حادثة، ولعل عنده لحديث "أسلم سالمها الله" [1] مائة طريق، وقد حكي لي عن بعض أصحاب الحديث أنه سمع "جزء ابن عرفة"[2] عن مائة شيخ، وكان عنده سبعون نسخة. ومنهم من يجمع الكتب ويسمعها، ولا يدري ما فيها، لا من حيث صحتها، ولا من فهم معناها، فتراه يقول: الكتاب الفلاني سماعي، وعندي "منه"[3] نسخة، والكتاب الفَلاني، والفُلاني ... فلا يعرف علم ما عنده من حيث فهم صحيحه من سقيمه، وقد صده اشتغاله بذلك عن المهم من العلم! فهم كما لقال الحطيئة[4].
زوامل للأخبار لا علم عندها ... بمثقلها إلا كعلم الأباعر5
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأوساقه أو راح: ما في الغرائز6
ثم ترى منهم من يتصدر، "بإتقانه للرواية وحدها" [7]، فيمد يده إلى ما ليس من شغله؛ فإن أفتى أخطأ، وإن تكلم في الأوصل خلط!
ولولا أني لا أحب ذكر الناس، لذكرت من أخبار كبار علمائهم، وما خلطوا ما يعتبره به، ولكنه لا يخفى على المحقق حالهم.
543- فإن قال قائل: أليس في الحديث: "منهومان لا يشبعان: طالب علم [1] رواه البخاري "1006"، ومسلم "2516" عن أبي هريرة رضي الله عنه. [2] ابن عرفة: أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الجرجاني الحناطي المعلم، بقي إلى حدود "420هـ". [3] الأصل: به. [4] جرول بن أوس بن مالك العبسي، شاعر مخضرم هجاء لم يكد يسلم من لسانه أحد، توفي سنة "45هـ" تقريبًا. قلت: والبيتان لمروان بن أبي حفصة كما في اللسان: زمل وفيه: زوامل للأشعار.
5 الزوامل: جمع زملة، وهي البعير و "مثقلها" حملها، وفي اللسان "بجيدها"، والأباعر جمع بعير.
6 الوسق: الحمل، والغرائز: جمع غرارة، وهي كيس كبير من الصوف أو الشعر توضح فيه الحبوب، وهو أكبر من الجوالق. [7] في الأصل: ويفتقر الزمان إلى تصدُّره للرواية.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 182