نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 193
وقال مكحول[1]: من نظف ثوبه، قَلَّ هَمُّهُ، ومن طابت ريحه، زاد عقله، ومن جمع بينهما: زادت مروءته.
585- وأختار للمبتدئ في طلب العلم أن يدافع النكاح مهما أمكن، فإن أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعون سنة، وهذا لأجل جمع الهم، فإن غلب عليه الأمر، تزوج، واجتهد في المدافعة[2] بالفعل، لتتوفر القوة على إعادة العلم.
586- ثم لينظر ما يحفظ من العلم، فإن العمر عزيز، والعلم غزير، وإن أقوامًا يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه، وإن كان كل العلوم حسنًا؛ ولكن الأولى تقديم الأهم والأفضل. وأفضل ما تشوغل به حفظ القرآن، ثم الفقه، وما بعد هذا بمنزلة تابع. ومن رزق يقظة، دلته يقظته، فلم يحتج إلى دليل. ومن قصد وجه الله تعالى بالعلم، دله المقصود على الأحسن: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] . [1] مكحول بن أبي مسلم الشامي، أبو عبد الله، فقيه الشام في عصره، من حفاظ الحديث، توفي سنة "112هـ". [2] مدافعة الجماع.
122- فصل: أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب
587- من أراد دوام العافية والسلامة فليتق الله -عز وجل-، فإنه ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافي التقوى، وإن قل، إلا وجد عقوبته عاجلة أوآجلة. ومن الاغترار أن تسيء، فترى إحسانًا، فتظن أنك قد سومحت، وتنسى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] وربما قالت النفس: إنه يغفر، فتسامحت! ولا شك أنه يغفر، ولكن لمن يشاء.
588- وأنا أشرح لك حالًا، فتأمله بفكرك تعرف معنى المغفرة. وذلك أن من هفا هفوة، لم يقصدها، ولم يعزم عليها قبل الفعل، ولا عزم على العود بعد الفعل، ثم انتبه لما فعل، فاستغفر الله، كان فعله -وإن دخله عمدًا- في مقام خطإٍ، مثل أن
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 193