نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 235
فأفاقوا في أواخر العمر، والبدن قد نهك، وفاتت أمور مهمة من العلم وغيره.
722- وإن أقوامًا انحرفوا إلى صورة العلم، فبالغوا في طلبه، فأفاقوا في أواخر قدم[1]، وقد فاتهم العمل به.
723- فطريق المصطفى صلى الله عليه وسلم العلم والعمل، والتلطف بالبدن، كما أوصى عبد الله بن عمرو بن العاص، وقال له: "إن لنسك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا".
فهذه هي الطريق الوسطى والقول الفصل، فأما اليبس[2] المجرد، فكم فوت من علم، لو حصل نيل به أكثر مما نيل بالعمل؛ فإن مثل العالم كرجل يعرف الطريق، والعابد جاهل بها، فيمشي العابد من الفجر إلى العصر، ويقوم العالم قبيل العصر، فيلتقيان، وقد سبق العالم فضل شوطه.
724- فإن قال قائل: بين لي هذا؟! قلت: صورة التعبد خدمة لله تعالى، وذلك له، وربما لم يطلع العابد على معنى تلك الصورة؛ لأنه ربما ظن أنه أهل لوجود الكرامة على يده، وأنه مستحق تقبيل يده، أو أنه خير من كثير من الناس، وذلك كله لقلة العلم. وأعني بالعلم: فهم أصول العلم، لا كثرة الرواية، ومطالعة مسائل الخلاف.
فإذا طالع العالم الأصولي، سبق هذا العابد بحسن خلق، ومداراة الناس، وتواضعه في نفسه، وإرشاده الخلق إلى الله تعالى، فيعسر هذا على العابد، وهو في ليل جهله بالحال راقد.
725- ربما تزوج العابد، ثم حمل نفسه على التجفف[3]، فحبس زوجته عن مطلوبها، ولم يطلقها، وصار كالتي حبست الهرة، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض[4]. [1] أواخر قدم: نهاية الطريق. [2] البيس: التقلل من الطعام. [3] التجفف: التحول لقلة الطعام. [4] عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض" رواه البخاري "3318"، ومسلم "2242"، و"خشاش الأرض" حشرات الأرض وهوامها.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 235