نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 273
بالأعداء إلى أن يمكن كسر شوكتهم، ولو لم يمكن ذاك، كان اللطف سببًا في كف أكفهم عن الأذى وفيهم من يستحيي لحسن فعلك، فيتغير قلبه لك.
860- وقد كان جماعة من السلف إذا بلغهم أن رجلًا قد شتمهم، أهدوا إليه وأعطوه، فهم بالعاجل يكفون شره، ويحتالون في تقليب قلبه، ويقع بذلك لهم مهلة لتدبير الحيل عليه إن أرادوا. وكفى بالذهن الناظر إلى العواقب والتأمل لكل ممكن مؤدبًا.
861- فصل: في حفظ السرّ.
861- رأيت أكثر الناس لا يتمالكون من إفشاء سرهم، فإذا ظهر، عاتبوا من أخبروا به. فوا عجبًا! كيف ضاقوا بحبسه ذرعًا، ثم لاموا من أفشاه؟!
وفي الحديث: "استعينوا على قضاء أموركم بالكتمان"[1].
862- ولعمري، إن النفس يصعب عليها كتم الشيء، وترى بإفشائه راحة، خصوصًا إذا كان مرضًا أو همًّا أو عشقًا، وهذه الأشياء في إفشائها قريبة[2]؛ إنما اللازم كتمانه احتيال المحتال فيما يريد أن يحصل به غرضًا، فإن من سوء التدبير إفشاء ذلك قبل تمامه، فإنه إذا ظهر، بطل ما يراد أن يفعل، ولا عذر لمن أفشى هذا النوع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا، ورى بغيره[3].
863- فإن قال قائل: إنما أحدث [من أثق به] . قيل له: وكل حديث جاوز الاثنين شائع، وربما لم يكتم صديقك، وكم قد سمعنا من يحدث عن الملوك بالقبض على صاحب[4]، فنم[5] الحديث إلى الصاحب، وهرب، ففات السلطان مراده! وإنما الرجل الحازم الذي لا يتعداه سره، ولا يفشيه إلى أحد. [1] رواه ابن حبان في روضة العقلاء ص "187"، والسهمي في تاريخ جرجان ص "182" عن أبي هريرة. [2] في الأصل: قرينة، وهو تصحيف. [3] رواه البخاري "4418"، ومسلم "2769"، عن كعب بن مالك، "وارى" أراد شيئًا وأظهر غيره. [4] صاحب: وزير. [5] نم الحديث: أشاعه ابتغاء المضرة.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 273