نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 316
وأما إذا لم يكن له قوت يكفي، فالهم الذي يريد اجتماعه في تلك الأمور يتشتت، ويصير طالبًا للتحيل في "جمع" القوت، فيذهب العمر في تحصيل قوت البدن الذي يريد من بقائه غير بقائه، ويفوت المقصود بببقائه، وربما احتاج إلى الأنذال[1].
قال الشاعر:
حسبي من الدهر ما كفاني ... يصون عرضي عن الهوان
مخافة أن يقول قوم ... فضل فلان على فلان
1017- فينبغي للعاقل أن إذا رزق قوتًا، أو كان له مواد: أن يحفظها، ليتجمع همه، ولا ينبغي أن يبذر في ذلك، فإنه يحتاج فيتشتت همه، والنفس إذا أحرزت قوتها اطمأنت؛ فإن لم يكن له مال، اكتسب بقدر كفايته، وقلل الغلو، ليجمع همه. وليقنع بالقليل؛ فإنه متى سمت همته إلى فضول المال، وقع المحذور من التشتت؛ لأن التشتت في الأول للعدم، وهذا التشتت يكون للحرص على الفضول، فيذهب العمر على البارد2:
ومن ينفق الأيام في حفظ ماله ... مخافة فقر، فالذي فعل الفقر
1018- فافهم هذا يا صاحب الهمة في طلب الفضائل؛ فإنك ما لم تعزل قوت الصبيان، شتتوا قلبك، وطبعك طفل، ففرغ همك من استعانته، واعرف قدر شرف المال الذي أوجب جمع همك، وصان عرضك عن الخلق، وإياك أن يحملك الكرم على فرط الإخراج، فتصير كالفقير المتعرض لك بالتعرض لغيرك.
1019- وفي الحديث: أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى عليه آثار الفقر، فعرض به، فأعطي شيئًا، فجاء فقير آخر، فآثره الأول ببعض ما أعطي، فرماه النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ونهاه عن مثل ذلك[3].
1020- والقناعة بما يكفي، وترك التشوف إلى الفضول أصل الأصول. ولما [1] في الأصل: الانذلال.
2 دون فائدة. [3] رواه أبو داود "1675"، والترمذي "511"، والنسائي "2535" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 316