نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 333
1082- فتفكرت، فعلمت أن النفس لا تقف عند حد؛ بل تروم[1] من اللذات ما لا منتهى له، وكلما حصل لها غرض، برد عندها، وطلبت سواه، فيفنى العمر، ويضعف البدن، ويقع النقص، ويرق الجاه، ولا يحصل المراد.
وليس في الدنيا أبله ممن يطلب النهاية في لذات الدنيا، وليس في الدنيا على الحقيقة لذة، إنما هي راحة من مؤلم.
1083- فالسعيد من إذا حصلت له امرأة أو جارية، فمال إليها، ومالت إليه، وعلم سترها ودينها: أن يعقد الخنصر[2] على صحبتها.
وأكثر أسباب دوام محبتها أن لا يطلق بصره، فمتى أطلق، أو أطمع نفسه في غيرها، فإن الطمع في الجديد ينغص الخلق، وينقص المخالطة، ويستر عيوب الخارج، فتميل النفس إلى المشاهد الغريب، ويتكدر العيش مع الحاضر القريب، كما قال الشاعر:
والمرء ما دام ذا عين يقلبها ... في أعين العين موقوف على الخطر3
يسر مقلته ما ضر مهجته ... لا مرحبًا بسرورٍ عاد بالضرر
ثم تصير الثانية كالأولى، وتطلب النفس ثالثة، وليس لهذا آخر.
بل الغض عن المشتهيات، ويأس النفوس من طلب المستحسنات: يطيب العيش مع المعاشر.
ومن لم يقبل هذا النصح، تعثر في طرق الهوى، وهلك على البارد، وربما سعى لنفسه في الهلاك العاجل، وفي العار الحاضر، فإن كثيرًا من المستحسنات لسن بصينات، ولا يفي التمتع بهن بالعار الحاصل، ومنهن المبذرات في المال، ومنهن المبغضة للزوج، وهو يحبها كعابد صنم. [1] تروم: تطلب. [2] كناية عن الحرص.
3 العين: النساء واسعات الأعين. وفي الأصل: بالناس، وقد أورد المؤلف البيتين في الفصل "313" على الوجه.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 333