نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 362
ومع هذا، فالمنهوم كلما عبَّ من لذة؛ طلب أختها، وقد عرف جناية الأولى وخيانتها -وهذا مرض العقل، وداء الطبع- فلا يزال هذا كذلك إلى أن يختطف بالموت، فيلقى على بساط ندم لا يستدرك.
فالعجب ممن همته هكذا مع قصر العمر، ثم لا يهتم بآخرته، التي لذتها سليمة من شائب[1]، منزهة عن معايب، دائمة إلى الأمد، باقية ببقاء الأبد! وإنما يحصل تقريب هذه بإبعاد تلك، وعمران هذه بتخريب تلك. فوا عجبًا لعاقل حصيف حسن التدبير، فاته النظر في هذه الأحوال، وغفل عن التمييز بين هذين الأمرين!
وإن كانت اللذة معصية، انضم إلى ما ذكرناه: عار الدنيا، والفضيحة بين الخلق، وعقوبة الحدود، وعقاب الآخرة، وغضب الحق سبحانه.
بالله، إن المباحات تشغل عن تحصيل الفضائل، فذم ذلك لبيان الحزم، فكيف بالمحرمات التي هي غاية الرذائل؟!
نسأل الله -عز وجل- يقظة تحركنا إلى منافعنا، وتزعجنا عن خوادعنا، إنه قريب. [1] في الأصل: شامت وهو تصحيف.
259- فصل: الهوى والتسويف والاغترار بالرحمة
1190- تأملت على الخلق، وإذا هم في حالة عجيبة، يكاد يقطع معها بفساد العقل! وذلك أن الإنسان يسمع المواعظ، وتذكر له الآخرة، فيعلم صدق القائل، فيبكي وينزعج على تفريطه، ويعزم على الاستدراك، ثم يتراخى عمله بمقتضى ما عزم عليه، فإذا قيل له: أتشك فيما وعدت به؟ قال: لا والله، فيقال له: فاعمل! فينوي ذلك، ثم يتوقف عن العمل، وربما مال إلى لذة محرمة، وهو يعلم النهي عنها!
1191- ومن هذا الجنس تأخر الثلاثة الذين خلفوا[1]، ولم يكن لهم عذر، وهم يعلمون قبح التأخر، وكذلك كل عاص ومفرط. [1] هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية، انظر قصتهم في البخاري "4418"، ومسلم "2739" عن كعب بن مالك رضي الله عنه.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 362