نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 414
1350- ومثل هذا الجهل إنما يصدر ممن ينظر في قضايا العقول التي يحكم بها على الظواهر، مثل أن يرى مبنيًّا ينقض، والعقل بمجرده لا يرى ذلك حكمة، ولو كشفت له حكمة ذلك؛ لعلم أنه صواب، كما كشف لموسى مراد الخضر في خرق السفينة، وقتل الغلام.
ومعلوم أن ذبح الحيوان، وتقطيع الرغيف، ومضغ الطعام، لا يظهر له فائدة على الإطلاق، فإذا علم أنه غذاء لبدن من هو أشرف بدنًا من المذبوح، حسن ذلك الفعل.
وا عجبًا! أوما تقضي العقول بوجوب طاعة الحكيم، الذي تعجز عن معرفة حكم مخلوقاته؟! فكيف تعارضه في أفعاله؟! نعوذ بالله من الخذلان.
308- فصل: من اضطر أن يعظ سلطانًا تلطّف معه
1351- ينبغي لمن وعظ سلطانًا أن يبالغ في التطلف، ولا يواجهه بما يقتضي أنه ظالم، فإن السلاطين حظهم التفرد بالقهر والغلبة؛ فإذا جرى نوع توبيخ لهم، كان إذلالًا، وهم لا يحتملون ذلك، وإنما ينبغي أن يمزج وعظه بذكر شرف الولاية، وحصول الثواب في رعاية الرعايا، وذكر سير العادلين من أسلافهم.
1352- ثم لينظر الواعظ في حال الموعوظ قبل وعظه: فإن رأى سيرته حميدة -كما كان منصور بن عمار وغيره يعظون الرشيد[1] وهو يبكي- وقصده الخير، زاد في وعظه ووصيته.
وإن رآه ظالمًا، لا يلتفت إلى الخير، وقد غلب عليه الجهل، اجتهد في ألا يراه ولا يعظه؛ لأنه إن وعظه، خاطر بنفسه، وإن مدحه، كان مداهنًا، فإن اضطر إلى موعظته، كانت كالإشارة[2]. [1] هارون بن محمد بن المنصور العباسي "149-193هـ" أشهر الخلفاء العباسيين، كان عالمًا بالأدب والتاريخ والحديث والفقه، وكان يحج عامًا ويغزو عامًا على الأغلب. [2] إن صدع بالحق وخاطر بنفسه فهو سيد الشهداء. قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". وقال أيضًا: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" ومن هذا قصة الغلام وأصحاب الأخدود.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 414