نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 453
قلت: ولو أن هذا الرجل أو من حكى عنه عرف التاريخ، لعلم أن الحلاج لم يدرك ابن المقنع؛ فإن ابن المقنع[1] أمر بقتله المنصور، فقتل في سنة أربع وأربعين ومائة، وأبو سعيد الجنابي القرمطي ظهر في سنة ست وثمانين ومائتين، والحلاج قتل سنة تسع وثلاث مائة، فزمان القرمطي والحلاج متقاربان، فأما ابن المقنع؛ فكلا.
1479- فينبغي لكل ذي علم أن يساهم بباقي العلوم، فيطالع منها طرفًا؛ إذ لكل علم بعلم تعلق. وأقبح[2] بمحدث يسأل عن حادثة فلا يدري، وقد شغله منها جمع الأحاديث.
وقبيح بالفقيه أن يقال له: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا؟ فلا يدري صحة الحديث ولا معناه! نسأل الله عز وجل همة عالية، لا ترضى بالنقائص بمنه ولطفه. [1] الذي قتله المنصور هو عبد الله بن المقفع "106-144هـ" من أئمة الكتاب ترجم كليلة ودمنة. أما المقنع -وليس ابن المقنع- فاسمه عطاء، مشعوذ مشهور ادعى الربوبية، فتبعه قوم، وقاتلوا في سبيله، وكان مشوه الخلق، فاتخذ وجهًا من ذهب تقنع به، جيش المهدي إليه الجيوش فسم نفسه ومات سنة "163هـ"، فالمؤلف رحمه الله التبس عليه الرجلان. [2] في الأصل: ما أقبح، ولا يستقيم مع ما بعده.
338- فصل: همم القدماء من العلماء
1480- كانت همم القدماء من العلماء عالية، تدل عليها تصانيفهم، التي هي زبدة أعمارهم؛ إلا أن أكثر تصانيفهم دثرت؛ لأن همم الطلاب ضعفت، فصاروا يطلبون المختصرات، ولا ينشطون للمطولات، ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها[1]، فدثرت الكتب، ولم تنسخ!
1481- فسبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب، التي قد تخلفت من المصنفات، فليكثر من المطالعة؛ فإنه يرى من علوم القوم، وعلو هممهم ما يشحذ خاطره، ويحرك عزيمته للجد، وما يخلو كتاب من فائدة.
1482- وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم! لا نرى فيهم ذا همة غالية؛ فيقتدي به المبتدئ، ولا صاحب ورع، فيستفيد منه الزاهد. [1] وهذا حال كثير من المشايخ ومريديهم.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 453