نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 475
1573- وقد كنت أرجو مقامات الكبار، فذهب العمر، وما حصل المقصود!!
فوجدت أبا الوفاء ابن عقيل قد ناح نحو ما نحت، فأعجبتني نياحته، فكتبتها ها هنا، قال لنفسه:
يا رعناء! تقومين الألفاظ ليقال: مناظر وثمرة هذا أن يقال: يا مناظر! كما يقال للمصارع: الفاره[1].
ضيعت أعز الأشياء وأنفسها عند العقلاء -وهي أيام العمر- حتى شاع لك بين من يموت غدًا اسم مناظر، ثم ينسى الذاكر والمذكور إذ درست[2] القلوب! هذا إن تأخر الأمر إلى موتك؛ بل ربما نشأ شاب أفره منك، فموهوا له، وصار الاسم له. والعقلاء عن الله تشاغلوا بما إذا انطووا نشرهم[3]، وهو العمل بالعلم، والنظر الخالص لنفوسهم.
أف لنفسي! وقد سطرت عدة مجلدات في فنون العلوم[4]، وما عبق بها فضيلة، إن نوطرت، شمخت، وإن نوصحت؛ تعجرفت، وإن لاحت الدنيا؛ طارت إليها طيران الرخم[5]، وسقطت عليها سقوط الغراب على الجيف، فليتها أخذت أخذ المضطر من الميتى توقر[6] في المخالطة عيوبًا تبلي، ولا تحتشم نظر الحق إليها، وإن انكسر لها غرض؛ تضجرت، إن أمدت[7] بالنعم؛ اشتغلت عن المنعم!!
أفٍ والله مني، اليوم على وجه الأرض، وغدًا تحتها! والله، إن نتن جسدي بعد ثلاث تحت التراب أقل من نتن خلائقي وأنا بين الأصحاب!
والله، إنني قد بهرني حلم هذا الكريم عني، كيف يسترني[8]، وأنا أتهتك، [1] الفاره: الحسن البارع. [2] درست: عفت وانمحت. [3] أحيا ذكرهم. [4] هو كتاب "الفنون". [5] الرخم: طائر جارح على شكل النسر، غزير الريش، مبقع بسواد وبياض، له منقار طويل التقوس، يوصف بالغدر والحمق. [6] توقر: تحمل وتقترف، وفي الأصل: توفر، وهو تصحيف. [7] في الأصل: امتدت. [8] في الأصل: سترني.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 475