responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 485
1607- فأظهر المتزهدون طرائق كأنها ابتداء شريعةٍ، وكلها على غير الجادة، ويحتجون بقول المحاسبي والمكي، ولا يحتج أحد منهم بصحابي ولا تابعي، ولا بإمام من أئمة الإسلام؛ فإن رأوا عالمًا لبس ثوبًا جميلًا، أو تزوج مستحسنةً، أو أفطر بالنهار، أو ضحك؛ عابوه!!
1608- فينبغي أن يعلم أن أكثر من صح قصده منهم على غير الجادة: لقلة علمهم، حتى إن بعضهم يقول: منذ ثمانين سنة ما اضطجعت!، ويقول آخر: حلفت لا أشرب الماء سنةً[1]!!. وهؤلاء على غير الصواب؛ فإن للنفس حقًّا.
1609- فأما من ساء قصده، ممن نافق وراءى لاجتلاب الدنيا، وتقبيل الأيدي، فلا كلام معه، وهم جمهور المتصوفة؛ فإنهم رفعوا الثياب الملونة، ليراهم الناس بعين الترك للزينة، وما معهم أحسن من السقلاطون[2]؛ وإنما رقع القدماء للفقر. فهم في اللذات. وجمع المال، وأخذ الشبهات، واستعمال الراحة واللعب، ومخالطة السلاطين. وهؤلاء قد كشفوا القناع، وباينوا زهد أوائلهم، بلى، أعجب منهم من ينفق هذا عليهم.

[1] أي: لا يشرب الماء البارد.
[2] السقلاطون: ضرب من الثياب. قال أبو حاتم: عرضته على رومية، وقلت لها: ما هذا؟ فقالت: سِجِلَّاطُسْ.
362- فصل: جعل الله لأحوال الآدمي أمثلة ليعتبر بها
1610- إن الله -عز وجل- جعل لأحوال الآدمي أمثلة ليعتبر بها: فمن أمثلة أحواله القمر، الذي يبتدئ صغيرًا، ثم يتكامل بدرًا، ثم يتناقص بانمحاق، وقد يطرأ عليه ما يفسده كالكسوف؛ فكذلك الآدمي أوله نطفه، ثم يترقى من الفساد إلى الصلاح؛ فإذا تم، كان بمنزلة البدر الكمل، ثم تتناقص أحواله بالضعف، فربما هجم الموت قبل ذلك هجوم الكسوف على القمر، قال الشاعر:
والمرء مثل هلالٍ عند طلعتِهِ ... يبدو ضئيلًا لطيفًا ثم يتسقُ
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست