نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 49
82- ومن سمع هذا الكلام، فلا يظنن أنني أمدح من لا يعمل بعلمه؛ وإنما أمدح العاملين بالعلم، وهم أعلم بمصالح أنفسهم؛ فقد كان فيهم من يصلح على خشن العيش، كأحمد بن حنبل، وكان فيهم من يستعمل رقيق العيش، كسفيان الثوري مع ورعه، ومالك مع تدينه، والشافعي مع قوة فقهه.
ولا ينبغي أن يطالب الإنسان بما يقوى عليه غيره، فيضعف هو عنه، فإن الإنسان أعرف بصلاح نفسه، وقد قالت رابعة[1]: إن كان صلاح قلبك في الفالوذج، فكله.
83- ولا تكونن أيها السامع ممن يرى صور الزهد، فرب متنعم لا يريد التنعم، وإنما يقصد المصلحة، وليس كل بدن يقوى على الخشونة، خصوصًا من قد لاقى الكد، وأجهده الفكر، أو أمضه[2] الفقر؛ فإنه إن لم يرفق بنفسه، ترك واجبًا عليه من الرفق بها.
فهذه جملة، لو شرحتها بذكر الأخبار والمنقولات لطالب؛ غير أني سطرتها على عجل حين جالت في خاطري. والله ولي النفع برحمته. [1] رابعة بنت إسماعيل العدوية البصرية، أم عمرو الزاهدة الخاشعة العابدة، عاشت ثمانين سنة، توفيت سنة "180هـ". [2] أمضّه: آلمه، وشق عليه.
20- فصل: أمر النفس وماهيتها.
84- قد أشكل على الناس أمر النفس[1] وماهيتها[2]، مع إجماعهم على وجودها، ولا يضر الجهل بذاتها مع إثباتها.
85- ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت، ومذهب أهل الحق أن لها وجودًا بعد موتها، وأنها تنعم وتعذب، قال أحمد بن حنبل: أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار.
وقد جاء في أحاديث الشهداء: "أنها في حواصل طير خضر تعلق من [1] النفس: الروح. [2] ماهيتها: حقيقتها وجوهرها.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 49