نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 73
فما ردت كلب الجوع[1]، بل شهت الطعام[2].
181- وليتذكر الإنسان لذة قهر الهوى مع تأمل فوائد الصبر عنه، فمن وفق لذلك، كانت سلامته قريبة منه.
33- فصل: القلب عارف والقواطع كثيرة.
182- خطر لي خاطر، والمجلس قد طاب، والقلوب قد حضرت، والعيون جارية، والرؤوس مطرقة، والنفوس قد ندمت على تفريطها، والعزائم قد نهضت لإصلاح شؤونها، وألسنة اللوم تعمل في الباطن على تضييع الحزم، وترك الحذر، فقلت لنفسي: ما بال هذه اليقظة لا تدوم؟! فإني أرى النفس واليقظة في المجلس متصادقين متصافيين؛ فإذا قمنا عن هذه التربة[3]، وقعت الغربة.
فتأملت ذلك، فرأيت أن النفس ما تزال متيقظة، والقلب ما يزال عارفًا، غير أن القواطع كثيرة، والفكر الذي ينبغي استعماله في معرفة الله سبحانة وتعالى قد كل مما يستعمل في اجتلاب الدنيا، وتحصيل حوائج النفوس، والقلب منغمس في ذلك، والبدن أسير مستخدم.
وبينا الفكر يجول في اجتلاب الطعام والشراب والكسوة، وينظر في صدد ذلك، وما يدخره لغده وسنته، اهتم بخروج الحدث، وتشاغل بالطهارة، ثم اهتم بخروج الفضلات المؤذية[4]، ومنها المني، فاحتاج إلى النكاح، فعلم أنه لا يصح إلا باكتساب كسب الدنيا، فتفكر في ذلك، وعمل بمقتضاه.
ثم جاء الولد، فاهتم به وله، وإذا الفكر عامل في أصول الدنيا وفروعها؛ فإذا حضر الإنسان المجلس، فإنه لا يحضر جائعًا ولا حاقنًا، بل يحضره جامعًا لهمته، ناسيًا ما كان من الدنيا على ذكره، فيخلو الوعظ بالقلب، فيذكره بما ألف، ويجذبه بما عرف، فينهض عمال القلب في زوارق عرفانه، فيحضرون النفس إلى باب [1] كلب الجوع: شدته. [2] شهت الطعام: زادت شهوتها إليه. [3] التربة: البقعة التي كان ينعقد فيها مجلس الوعظ. [4] إن احتبست في البدن.
نام کتاب : صيد الخاطر نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 73