responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 187
وَقِيلَ مَعْنَى كَوْنِ الشِّعْرِ الْمُحَرَّمِ حُكْمًا فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ أَنَّ الشَّاعِرَ قَدْ يَنْطِقُ بِالْأَمْرِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَيَقَعُ كَمَا قَالَ: كَقَوْلِ حَسَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُخَاطِبُ قُرَيْشًا فِي قَصِيدَةٍ لَهُ قَبْلَ فُتُوحِ مَكَّةَ:
عُدِمْنَا خَيْلَنَا إنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءٌ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... يَلْطِمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ.
وَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ يَلْطِمْنَ وُجُوهَ الْخَيْلِ بِالْخُمُرِ وَذَلِكَ يَوْمَ الْفَتْحِ تَبَسَّمَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ قَالَ حَسَّانُ؟ فَأَنْشَدَهُ مَا تَقَدَّمَ (فَارْوِ) الشِّعْرَ وَاحْفَظْهُ وَاسْتَمِعْهُ وَأَنْشِدْهُ (وَاسْنِدِ) أَبَاحَةُ ذَلِكَ عَنْ، النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَوْ فَارْوِ حَدِيثَ «إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً» وَأَسْنِدْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لَا مُقَدِّحَ فِيهِ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كُلِّ إمَامٍ وَفَقِيهٍ.
وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْك مَا يُرَوِّجُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الشِّعْرِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَى مَدْحِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْكَذِبِ وَالتَّهَافُتِ، فَإِذَا خَلَا الشِّعْرُ عَنْ التَّشْبِيبِ بِالْمُرْدَانِ أَوْ بِمُعَيَّنَةٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ بِنَحْوِ خَمْرَةٍ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ رَدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَمَعَك مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ؟ قُلْت نَعَمْ، فَأَنْشَدْته بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ. لَأَنْشَدْته بَيْتًا، فَقَالَ هِيهِ، حَتَّى أَنْشَدْته مِائَةَ قَافِيَةٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ: لَيْسَ لَنَا فِي إبَاحَةِ الشِّعْرِ اخْتِلَافٌ قَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالِاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ وَتَعَرُّفِ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّسَبِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، وَيُقَالُ الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] .
وَفِي الْحَدِيثِ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يُرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَقَالَ مَعْنَى (يَرِيهِ) يَأْكُلُ جَوْفَهُ يُقَالُ وَرَاهَ يَرِيهِ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَرَاهُنَّ رَبِّي مِثْلَ مَا قَدْ وَرَيْنَنِي ... وَأَحْمَى عَلَى أَكْبَادِهِنَّ الْمَكَاوِيَا

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست