responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 239
وَيَنْتَقِضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ. وَلَعَلَّ هَذَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْهُ حَيْثُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيٌّ بِمُسْلِمَةٍ.
وَقَدْ وَقَعَ فِي حُدُودِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ إخْوَانِنَا ذَكَرَ لِي قِصَّةً عَلَى سَبِيلِ الْمُذَاكَرَةِ، فَإِذَا فِيهَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ بُنَيَّةً دُونَ الْبُلُوغِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ الْبِنْتُ تَزَوَّجَهَا نَصْرَانِيٌّ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهَا تَبَعًا، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ لِي كُنْت فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا بِفُلَانٍ النَّصْرَانِيِّ مُتَزَوِّجٌ بِابْنَةِ فُلَانٍ الَّذِي أَسْلَمَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ جِدًّا وَزَوْجُهَا كَبِيرٌ. فَتَعَجَّبْت كَيْفَ قَعَدَتْ لَهُ. فَتَثَبَّتُّ فِي الْقَضِيَّةِ فَإِذَا هِيَ جَلِيَّةٌ، فَرَكِبْت لِبَعْضِ وُلَاةِ أُمُورِ الدِّينِ وَرَكِبَتْ عِدَّةُ خَيَّالَةٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ فِي طَلَبِ أَبِي الْبِنْتِ وَزَوْجِهَا وَالْخُورِيِّ وَالْبِنْتِ، فَهَرَبَ الزَّوْجُ وَالْخُورِيِّ وَأَتَى الْأَبُ مُعْتَذِرًا.
فَحَرَّجْت عَلَيْهِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْخَبِيثَ مِنْ ابْنَتِهِ وَإِلَّا أَجْرَيْت عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا مَا يَسْتَحِقَّانِهِ.
فَذَهَبَ الزَّوْجُ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَصَدَ بَعْضَ شُيُوخِ الْإِسْلَامِ فَكَتَبَ لَهُ وَرَقَةً تَتَضَمَّنُ الرِّفْقَ بِهِ، وَأَنَّ هَذَا يُسَامَحُ بِمِثْلِهِ لِكَوْنِ النَّصْرَانِيِّ أَنْهَى لِلشَّيْخِ غَيْرَ الْوَاقِعِ، فَلَمْ أَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ وَصَمَّمْت عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا الْإِسْلَامُ وَإِمَّا الْقَتْلُ. فَفَرَّ وَمَكَثَ مُدَّةً فَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَمَا شَعَرْت إلَّا وَالرَّجُلُ أَتَانِي مُسْلِمًا، فَأَعَادَ النِّكَاحَ وَخَرَجَ مِنْ عَامِهِ لِحَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَزِيَارَةِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمَا أَظْهَرُوهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فِي شَرْعِنَا تَعَيَّنَ إنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا جَازَتْ إرَاقَتُهُ، وَإِنْ أَظْهَرُوا صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا جَازَ كَسْرُهُ. وَإِنْ أَظْهَرُوا كُفْرَهُمْ أُدِّبُوا عَلَى ذَلِكَ. وَيُمْنَعُونَ مِنْ إظْهَارِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَابْنِ رَزِينٍ، وَيُمْنَعُونَ مِمَّا تَتَأَذَّى بِهِ الْمُسْلِمُونَ كَإِظْهَارِ الْمُنْكَرِ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَعْيَادِ وَالصُّلْبَانِ وَالنَّاقُوسِ، وَكَذَا مِنْ إظْهَارِ بَيْعِ مَأْكُولٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ كَالشِّوَاءِ.
وَكَذَا إذَا تَبَايَعُوا بِالرِّبَا فِي سُوقِنَا مُنِعُوا لِأَنَّهُ عَائِدٌ بِفَسَادِ نَقْدِنَا. قَالَهُ الْقَاضِي. فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ سُوقِنَا. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْآدَابِ مَنْعَهُمْ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا عَلَيْهِمْ.

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست