responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 368
عِيَاضٍ قَالَ: حَكَى الطَّبَرَانِيُّ خِلَافًا لِلسَّلَفِ هَلْ هُوَ غَرِيزَةٌ أَمْ مُكْتَسَبٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى فِي حَقِّ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] الطَّبْعُ الْكَرِيمُ، فَسُمِّيَ خُلُقًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْخِلْقَةِ فِي صَاحِبِهِ، فَأَمَّا مَا طُبِعَ عَلَيْهِ فَيُسَمَّى الْخِيمَ فَيَكُونُ الْخِيمُ الطَّبْعُ الْغَرِيزِيُّ، وَالْخُلُقُ الطَّبْعُ الْمُتَكَلَّفُ. قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى: فَيَكُونُ هَذَا كَمَا قِيلَ إنَّ الْعَقْلَ غَرِيزَةٌ، وَمِنْهُ مَا يُسْتَفَادُ بِالتَّجَارِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ. انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنْهُ مَا هُوَ غَرِيزَةٌ مَرْكُوزٌ فِي طَبْعِ الْإِنْسَانِ خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ كَمَلَكَةِ الْعَقْلِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ مَا مُكْتَسَبًا مِنْ التَّجَارِبِ وَالتَّخَلُّقِ بِهِ. وَلِذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَفُلَانٌ يَتَخَلَّقُ بِغَيْرِ خُلُقِهِ أَيْ يَتَكَلَّفُ. وَقَدَّمْنَا قَوْلَ الشَّاعِرِ:
إنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَهُ الْخُلُقُ
وَأَمَّا الْخِيمُ بِالْكَسْرِ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ السَّجِيَّةُ وَالطَّبِيعَةُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَهَذَا مِنْ الْجَوْهَرِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلُقَ وَالْخِيمَ مُتَرَادِفَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَقُولُ: الْخِيمُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتٌ فَمِيمٌ. وَفِي شِعْرِ حَسَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَدْحِ أُمِّنَا عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا -:
حَصَانٌ رَزَانٌ لَا تَبُوءُ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ
مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلٍ
فَإِنْ كُنْت قَدْ قُلْت الَّذِي قَدْ زَعَمْتُمُو ... فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إلَيَّ أَنَامِلِي
وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيت وَنُصْرَتِي ... لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ
وَالشَّاهِدُ فِي خِيمِهَا أَيْ سَجِيَّتِهَا وَطَبِيعَتِهَا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَخَالِقْ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّقْوَى فَلَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالذِّكْرِ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ التَّقْوَى هِيَ الْقِيَامُ بِحَقِّ اللَّهِ دُونَ حُقُوقِ عِبَادِهِ، فَنَصَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْعِشْرَةِ لِلنَّاسِ فَإِنَّهُ «- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ بَعَثَ مُعَاذًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي وَصَّاهُ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ إلَى الْيَمَنِ مُعَلِّمًا لَهُمْ، وَمُفَقِّهًا وَقَاضِيًا» . مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 368
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست