responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 406
حُضُورِ قَلْبٍ حَيٍّ، وَعِلْمِ مَعْنَى الْمَسْمُوعِ وَقَدْرِهِ، وَاسْتِشْعَارِ مَعْنَى الْمَطْلُوبِ وَفَخَامَةِ أَمْرِهِ، لَكِنَّ الْحَالَ الْأَوَّلَ أَكْمَلُ، وَالْمُتَّصِفُ بِهِ أَرْقَى وَأَفْضَلُ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِصَاحِبِهِ مَا يَحْصُلُ لِهَؤُلَاءِ وَأَعْظَمُ، مَعَ ثَبَاتِ قُوَّةِ جَنَانِهِ وَرُسُوخِ بُنْيَانِهِ.
نَعَمْ كَثُرَ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ التَّزْوِيرُ وَالتَّلْبِيسُ، وَأَكْثَرُ مَنْ تَرَى مِمَّنْ يَدَّعِي ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا إذَا حَقَقْت فِي الْإِمَّعَانِ عَنْ حَالِهِ تُلْفِيه مِنْ حِزْبِ أَبِي مُرَّةَ إبْلِيسَ، مَعَ الدَّعْوَى الْعَرِيضَةِ، وَالْقُلُوبِ الْمَيِّتَةِ أَوْ الْمَرِيضَةِ، وَالْجَهْلِ بِالْأَوَامِرِ، وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ النَّاهِي الْآمِرِ، مَعَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَالْجَهْلِ وَالْبِدْعَةِ، وَالتَّهَافُتِ عَلَى حُطَامِ الدُّنْيَا وَقَاذُورَاتِهَا وَلَا تَهَافُتَ الذُّبَابِ، وَالْحِرْصِ عَلَى الْعُكُوفِ عَلَى لَذَّاتِهَا وَالِاخْتِلَاسِ لَهَا وَلَا اخْتِلَاسَ الذِّئَابِ، وَإِطْرَاقِ الرُّءُوسِ عِنْدَ سَمَاعِ رُقَى الشَّيْطَانِ، وَغَفْلَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ حُضُورِ مَجَالِسِ الذَّكَرِ وَالْقُرْآنِ. فَاَللَّهُ يُعَامِلُنَا بِالصَّفْحِ وَالْغُفْرَانِ، وَيُثَبِّتُنَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، إنَّهُ وَلِيُّ الْإِحْسَانِ.
وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: رَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ زَفَرَ زَفْرَةً وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً ثُمَّ حَدَّثَ بِهِ. وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَلِمْت حَدَثَ لَهُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ الْأَحْصَرِ فِيمَنْ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي تَرْجَمَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَانِسِيِّ قَالَ قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الصُّوفِيَّةُ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ بِلَا عِلْمٍ عَلَى سَبِيلِ التَّوَكُّلِ، قَالَ الْعِلْمُ أَجْلَسَهُمْ، فَقِيلَ لَيْسَ مُرَادُهُمْ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا كِسْرَةُ خُبْزٍ وَخِرْقَةٍ، قَالَ لَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَقْوَامًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ، قِيلَ إنَّهُمْ يَسْمَعُونَ وَيَتَوَاجَدُونَ عِنْدَ الْقُرْآنِ فَيَحْصُلُ لِبَعْضِهِمْ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْغَشْيِ وَالْمَوْتِ كَمَا كَانَ يَحْصُلُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَعَذَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَلَا مُخَالَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
فَإِنْ قُلْت أَلَيْسَ قَدْ ذَكَرَ أَبُو طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَصَاحِبِ الْعَوَارِفِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْشَدَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ:
قَدْ لَسَعَتْ حَيَّةُ الْهَوَى قَلْبِي ... فَلَا طَبِيبَ لَهَا وَلَا رَاقِي
إلَّا الْحَبِيبُ الَّذِي شُغِفْتُ بِهِ ... فَإِنَّهُ عِلَّتِي وَتِرْيَاقِي
قَالَ فَتَوَاجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَوَاجَدَ أَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

نام کتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست